مكانة الأخت في الإسلام
العدد 158 - 2024
كانت المجتمعات قبل الإسلام لا تعطي المرأه مكانتها التي تستحقها، سواءًا كانت أمًا أو أختًا أو حتى زوجة، ولو أننا نلاحظ في بعض فصول التاريخ العربي أن بعض النساء كان لهن أدوار مهمة في المجتمع، ولكن تفوق البعض منهن لا يعني أن المجتمع كانت لديه ثقافة احترام كيان المرأة وحفظ مكانتها بشكل عام، بل كانوا يعتبرون تفوقها حالة من حالات الشذوذ عن القاعدة التي كانوا يؤمنون بها، وهي أن المرأة لا مكان لها في الأمور الجدية والحاسمة، وهذه قاعدة كاذبة خاطئة، ولا شك في ذلك ولا ريب.
ولكن عندما جاء الاسلام، عزز مكانة المرأة في المجتمع، وأعطاها التقدير الذي تستحق، وقد وصف الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز الدور الكبير الذي قامت به أخت سيدنا موسى عليه السلام، وكيف كانت سندًا وعونًا لعائلتها ولأخيها الصغير، ثم أخبرنا سبحانه بشيء من التفصيل كيف كانت تراقب آل فرعون، بعد أن عثروا على التابوت الذي كان يحمل موسى عليه السلام، وهذه مهمة خطيرة جدًا، تقوم بها فتاة في مقتبل العمر، ونحن نعلم عن مدى الوحشية التي كان يمارسها فرعون مع بني إسرائيل، ولكن مكانة الأخ عند أخته لا يعلم بها إلا الله، ولم يذكر الله اسمها، ولكن ذكر لنا صلتها الأخوية بموسى، حتى يبين مكان هذه الصلة ويبرز دور العلاقة الأخوية، وهذه القصة لها فوائد عديدة ومنها أنها تبين لنا مكانة الأخ في قلب أخته ومكانة الأخت في قلب أخيها كذلك، وأن الأخت تهتم اهتمامًا كبيرًا بسلامة أخيها ورخائه وسعادته، ولا يذكر الله تعالى أي حدث من الأحداث في القرآن إلا لأهميته البالغة.
هذه المعاني الجليلة والجميلة لم تمر مرور الكرام على الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، فهذا خالد بن الوليد بعد العمل البطولي والرجولي الذي قام به في اليرموك، جاءه أحد الصحابة وطلب منه أن يتخذ قرارًا بالغ الأهمية، وقد يغير هذا القرار الكثير في حياة خالد، عندها طلب منه خالد أن ينتظر وقال له (أمهلني حتى أستشير أختي) ثم ذهب واستشار أخته فاطمة وكانت متزوجة من الحارث بن هشام، ثم عمل خالد بما أشارت عليه أخته فاطمة، وهذا يدل على الثقافة الجميلة التي رسخها الإسلام بين الأخ وأخته، وعلى الرغم من زواجها إلا أنها مازالت أخته وصديقته التي يحبها ويثق بها، وهكذا يجب أن نكون مع أخواتنا، تمامًا كما كان خالد، وكما كانت مريم أخت موسى، فبمثل هذه الأمثلة تربى النفوس وتهذب الأرواح وتقتدي الأمة.
التعليقات