لعبة "لابوبو".... متى نقول لأولادنا ..لا ؟!

لعبة "لابوبو".... متى نقول لأولادنا ..لا ؟!
لعبة "لابوبو".... متى نقول لأولادنا ..لا ؟!

رغم أنها في الحقيقة مجرد دمية لا يتجاوز طولها 20 سنتيمتراً، إلا أنها قفزت وبسرعة هائلة إلى رفوف المتاجر، بعد أن أصابتها حمى "الترند" التي تجتاح العالم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، والغريب ليس في انتشار الدمية في حد ذاته، بل في انتشارها أكثر بين الفتيات اللواتي كبرن على اللعب ولكنهن وجدن في هذه الدمية وسيلة للمباهاة واللحاق بسباق "الترندات" المحموم، وأصبحت هذه الدمية تزين حقائبهن، بل تجاوز بعضهن هذا فأصبحن يفصلن للدمية ملابس مطابقة لملابسهن، والغريب كذلك يكمن في السعر الباهظ لهذه اللعبة ، وفي شكلها الغريب فهي في الأساس كانت شخصية "وحش" في عالم الخيال!

الظهور الأول

ظهرت دمية «لابوبو» لأول مرة عام 2015، حين خرجت من صفحات عالم خيالي رسم ملامحه فنان الرسم كاسينغ لونغ، مستلهماً من الأساطير الإسكندنافية ثلاثية قصصية مصورة حملت اسم "الوحوش".

في هذا العالم الساحر، وُلدت شخصيات غريبة، بعضها طيب والآخر شرير، إلا أن «لابوبو» سرعان ما خطفت الأنظار.

تتميّز «لابوبو» بمظهر غريب؛ فهي وحش صغير، ذو أذنين مدببتين وأسنان بارزة، يجمع بين ملامح البراءة والغرابة. ورغم شكله المشاغب، صوّره لونغ ككائن طيب النية يسعى دوماً لمساعدة الآخرين، لكن حماسه غالباً ما يقوده لنتائج غير متوقعة.

ثم تعاون لونغ مع شركة "بوي مارت" وهي شركة ألعاب صينية مشهورة لإنتاج الدمية، وتم انتاجها ضمن علب مغلقة لا يُعرف محتواها إلا بعد فتحها، ما أضفى عنصر المفاجأة والتشويق وأسهم في نجاح الفكرة بين أوساط الشباب ومحبي جمع الدمى.

وبلغت شعبية الدمية ذروتها بعد أن ظهرت معلقة على حقيبة إحدى نجمات الفرق الموسيقية الكورية الشهيرة، فانتشرت صورها بسرعة على مواقع التواصل، وانتشرت حمى شراء هذه الدمية، مما دفع التجار لاستغلال هذا "الترند"، ورفعوا أسعار الدمية بشكل مبالغ فيه، فقد قفز ثمنها على سبيل المثال من 85 درهم ليتجاوز الألف درهم! وانتشرت القصص حول لجوء الكثير من الآباء لعمليات الشراء بالتقسيط لشراء عدة دمى من "لابوبو"، لتشكل هذه الدمية بالفعل عبئاً مادياً على الكثير من الأسر.

لعبة "لابوبو".... متى نقول لأولادنا ..لا ؟!
آراء وتجارب

"فاطمة. أ" أم لخمسة أطفال في مراحل عمرية مختلفة، بين كبار وصغار، تحدثت عن تجربتها قائلة: الأمر كما أراه أكبر من مجرد لعبة، أوترند، بل هو هوس استهلاكي وشرائي، وتقليد للمحيطين بهم، فقد مارس أبنائي عليّ كافة أشكال الضغط، حتى وجدت اللوم من أخواتي لأني أحرم أبنائي من شراء دمية اقتناها جميع أفراد أسرتنا كباراً وصغاراً، وكنت أرفض لأني كنت أراها مخيفة وغير جميلة ولا تستحق ثمنها المبالغ فيه، ولكن في النهاية وتحت تأثير الضغط وجدت نفسي أشتري خمس دمى لأبنائي الخمسة، ومع ارتفاع سعرها وجدت نفسي أقسطها عبر برنامج التقسيط "تابي"، ولكني في كل شهر وعندما أسدد الدفعة أشعر باحباط كبير، فأي قيمة حصلنا عليها مقابل الثمن الذي دفع؟ لا شيء في الحقيقة!

من جهتها، قالت "لونا القاري، طالبة جامعية: صحيح أن اللعبة مختلفة وغريبة وهي حديث المجتمع اليوم، ولكني لن أقف ساعة أو أكثر في طابور حتى أشتريها ولن أدفع فيها ثلاثة أضعاف سعرها الأصلي". وترى أن ما يميز هذا "الترند" هو الجمع بين الطرافة والذوق، لكن من المهم ألا يفقد الشخص توازنه تحت ضغط المواكبة.

شهد أحمد، طالبة في المرحلة الثانوية، قالت:
لم أتمكن من شراء الدمية الأصلية لارتفاع ثمنها، ولعدم اقتناع والديّ بها، قررا أن أقتنيها إن شئت من مصروفي، فوجدت المبلغ أكبر من ميزانيتي فاشتريت اللعبة المقلدة منها وهي "لافوفو"، ورغم أنها ليست الأصلية، وفرق السعر بينهما هائل، إلا أنها تحقق الشغف نفسه والفضول نفسه، فهي أيضاً تأتي في علبة مغلقة تثير فضولك وتتشوق لتفتحها وتجد دميتك المختلفة!

لعبة "لابوبو".... متى نقول لأولادنا ..لا ؟!
حان الوقت لنقول "لا"!
لعبة "لابوبو".... متى نقول لأولادنا ..لا ؟!
مريم علي الكاس - مستشار أسري وتربوي

كوني مستشارة أسرية وتربوية وأم لطفلي "غيث" أرى أنه عندما يتعلق الأمر بشراء لعبة مثل "لابوبو" قد يجد الأهل أنفسهم في موقف صعب، خاصة إذا كانت اللعبة باهظة الثمن وغير جذابة. لهذا ومن واقع تجربتي كمستشارة أسرية وكأم يمكنني أن أسلط الضوء على بعض النقاط التي يمكن أن تساعد الأهل في اتخاذ القرار:

السعر: إذا كانت اللعبة تتجاوز ميزانية الأسرة، فقد حان الوقت لقول "لا". ومن الأفضل استثمار المال في أشياء ذات قيمة أكثر، مثل كتاب تعليمي أو تجربة ممتعة بدلاً من لعبة قد تنتهي في زاوية الغرفة.

الجودة: إذا كانت اللعبة تبدو وكأنها مصنوعة من مواد رخيصة، فهي ليست بالضبط "التحفة الفنية" التي تتمنى أن تراها في غرفة المعيشة. يمكن أن يكون من الأفضل اختيار ألعاب تدوم لفترة أطول وتوفر قيمة حقيقية.

الجاذبية: إذا كانت اللعبة تبدو وكأنها خرجت من فيلم رعب، فربما يكون من الأفضل إعادة التفكير. الأطفال يحتاجون إلى ألعاب تحفز خيالهم، وليس تلك التي تجعلهم يتساءلون عن خياراتهم في الحياة.

التعلم والتطوير: من المهم أن تقدم الألعاب شيئًا إضافيًا، مثل تعزيز المهارات الحركية أو التفكير النقدي. إذا كانت اللعبة ليس لها أي فائدة تعليمية، فقد يكون من الأفضل أن تقول "لا" وتبحث عن خيارات أفضل.

التواصل: يجب أن يكون هناك حوار حول أسباب الرفض. يمكنك أن تشرح للأطفال أن هناك الكثير من الخيارات الممتعة والمفيدة التي يمكنهم الاستمتاع بها دون الحاجة لدفع ثمن باهظ.

وفي النهاية، يجب أن نتذكر أن "لا" ليست كلمة سلبية، بل هي فرصة لتوجيه الأطفال نحو خيارات أفضل وأكثر قيمة. وفي النهاية، من يقول "لا" قد يصبحون هم الأبطال في عيون أطفالهم، إذ يعلّمونهم قيمة المال والاختيار الصحيح. وإذا كانت اللعبة تبدو وكأنها "الوحش من تحت السرير"، فمن المؤكد أننا لن نرغب في إنفاق الأموال عليها!

وأضافت موضحة: هوس لابوبو وانتشارها يعود إلى عدة أسباب، يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

الإثارة والتحدي: تقدم لابوبو ألوان مختلفة هذا التنوع يجعلها جذابة لشريحة واسعة من الجمهور.، مما يدفع الأطفال إلى الاستمرار في الشراء لتحقيق الأهداف والإحساس بالإنجاز يُعتبر دافعًا قويًا.

الملاذ من الضغوط: تعتبر اللعبة وسيلة للهروب من ضغوط الحياة اليومية، يمكن أن توفر تجربة ممتعة ومريحة تساعد الأفراد على الاسترخاء.
التسويق والإعلانات: الحملات الإعلانية الجذابة والتسويق الذكي للعبة أسهم بشكل كبير في جذب الكثير إضافة إلى وجود شخصيات مشهورة تروج للعبة.

كل هذه العوامل تساهم في هوس لابوبو وانتشارها بين مختلف الفئات العمرية والثقافية.

لعبة "لابوبو".... متى نقول لأولادنا ..لا ؟!
التقليد الأعمى
لعبة "لابوبو".... متى نقول لأولادنا ..لا ؟!
د. أحمد العموش - أستاذ علم الاجتماع

وشاركها د. أحمد العموش، أستاذ علم الاجتماع في جامعة الشارقة، الرأي حيث قال: من الملاحظ إدمان الأطفال اليوم على كافة أنواع الألعاب، سواء الدمى أو الألعاب الالكترونية، والسبب يكمن في رغبة الكثير من الأسر في التهرب من مسؤولياتها في التربية والتوجيه، فالطفل يترك لساعات مع ألعابه، ويتعرض لكافة أشكال الانسحاب الاجتماعي والأسري، حيث يعيش في عالمه الخاص لساعات ويفقد معها قدراته على التواصل الحقيقي، هذا من جهة، ومن جهة أخرى نجد الطفل ضحية لهوس الشراء ويلهث وراء الترندات التي تروج لها وسائل التواصل الاجتماعي، مع ضعف الوعي المجتمعي بسلبيات مثل هذه الظواهر القائمة بالأساس على المباهاة والمفاخرة باقتناء أشياء باهظة الثمن وضعيفة القيمة في الحقيقة، وهنا يبرز وبقوة دور الأهل في التوعية والتوجيه والاهتمام بالاقناع وعدم الانقياد وراء أي ترند وعدم الاسراف وشراء سلع ليست ذات قيمة حقيقية لمجرد التقليد الأعمى.

لعبة "لابوبو".... متى نقول لأولادنا ..لا ؟!
تحمل المسؤولية
لعبة "لابوبو".... متى نقول لأولادنا ..لا ؟!
عبد الله العطر - مستشار في المالية والاستثمار

عبد الله العطر_ مستشار في المالية والاستثمار، تحدث عن ظاهرة "لابوبو"، حيث قال: انتشرت هذه الظاهرة بسبب تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، وأغلبية من انقادوا لها وحرصوا على اقتناء اللعبة، لم يكن دافعهم الإعجاب باللعبة، بل ليؤكد للجميع أنه مواكب للتطورات ويجاري كافة الترندات، كما أن هناك عنصراً مهماً ارتبط بهذه اللعبة وجعلها ظاهرة وهو التشويق والغموض، فهذه اللعبة غامضة تقتني الصندوق ولا تعرف ما بداخله، والتجار يلجؤون لمختلف وسائل التسويق لمنتجاتهم، ومنها ادعاؤهم لمحدودية هذه اللعبة، فيؤكدون مثلاً وجود ألف دمية فقط من هذا اللون، فيسارع الناس لاقتناء اللعبة النادرة قبل نفاذها من الأسواق، و"لابوبو" ليست الظاهرة الشرائية الأولى ولن تكون الأخيرة، ومن المتوقع أن تستمر لشهرين لا أكثر، ليحل مكانها شيء جديد، فالتجار يستغلون الهوس الشرائي، ويحققون الأرباح الهائلة، والكبار حين يقتنون اللعبة يؤكدون لمجتمعهم أن لديهم القدرة المالية لشراء أشياء باهظة الثمن رغم تفاهتها! وبالمقابل لا بد وأن نتساءل عن دور الأسرة، ومتى يجب أن تتدخل وتوقف هذا الهوس وتقول للأبناء بكل حزم، والقول: "لا" لشراء أشياء ليست ذات قيمة بقيمة مالية كبيرة، "لا" للتفاهات و"لا" للإسراف، وإن فشلت الأسرة في إقناع الأبناء، فالحل يكمن في غرس القيم المالية والشرائية في نفوس وسلوكيات الأطفال منذ الصغر، فالابن المصمم على شراء سلعة تفوق قدرة الأهل أو التي لا تحتوي أي قيمة حقيقية، يمكنه شراؤها من مصروفه الخاص، وبهذا يتحمل بنفسه مسؤولية اتخاذ قرار شراء خاطئ، ويتشكل لديه وعي من تجربته الخاصة في اتخاذ قرارات شرائية صحيحة مستقبلاً، وعدم الوقوع ضحية الترندات ووسائل التواصل الاجتماعي.

التقليد
لعبة "لابوبو".... متى نقول لأولادنا ..لا ؟!
د.شيرين موسى - أستاذ الإعلام الرقمي

د.شيرين موسى، أستاذ الإعلام الرقمي، تحدثت قائلة: "يرتبط الأمر بطريقة التربية، فالكثير من الأطفال ينشؤون وهم غير قادرين على اتخاذ القرارات، بل يعتادون على وجود شخص مثل الأم أو الأب يتخذ قراراً عوضاً عنه، كما ينشؤون على فكرة التقليد، فالأهل يعيشون معه حالة دائمة من المقارنات، يجب أن تكون مجتهداً مثل فلان، ومؤدباً مثل فلان، وبالتالي يكبر وفي داخله فكرة التقليد، فبمجرد أن يرى لعبة ما مثلاً منتشرة مع الأطفال وبناء على تنشئته وتربيته، يشعر برغبة في التقليد، وفي شراء الدمية، ومنها على سبيل المثال ما حصل مع انتشار لعبة "لابوبو"، فالطفل لا يراها قبيحة، بل يرى فقط أنه يجب أن يحصل على واحدة مثل غيره من الأطفال، بغض النظر إن كانت أعجبته أو لا وإن كان يحتاجها أو لا.

وأضافت موضحة: "الشركات تعتمد على سياسات خاصة بالتسويق، والترويج لبضاعتها، ونظراً للألعاب المنتشرة اليوم وأغلبها عبارة عن وحوش ودماء وأسلحة وحيوانات فالأطفال فقدوا القدرة على التمييز بين الجميل والقبيح، فإن سألتهم عن لعبة وحش مثلاً فلن يروا القبح الذي تعكسه، بل فقط سيلفت نظرهم انتشارها بين جميع الأطفال، كما أنه وضمن اللعبة التسويقية التي يتم الترويج لها باستمرار، يتم الترويج للعبة "لابوبو" باعتباره وجه يعكس هوية وثقافة معينة، تروج لها وبقوة وسائل التواصل الاجتماعي، وهنا يبرز دور الأهل في التصي لهذه الحملات التسويقية التي تستهدف الربح المادي فقط، فالأهل يجب أن يغرسوا في نفوس الأطفال مهارات الاختيار بين الصواب والخطأ، والقدرة على رفض منتج غير مفيد بالنيبة لهم أو لا يعجبهم، ولا يكتفون بشرائه فقط من باب التقليد".

تحوّلات السوق

تحوّلت "لابوبو" من شخصية في عالم الرسوم الخيالية الآسيوي إلى رمز عصري يتصدر "الترند" ويُعلّق على حقائب من علامات فاخرة، سواء كانت لليد أومدرسية أو حتى رياضية، ما يعكس انتشارها الواسع وتحوّلها إلى عنصر ثابت في الإطلالة اليومية.

وترتدي الدمية أزياءً مصغرة مستوحاة من أشهر دور الأزياء العالمية، بل شهدت السوق ظهور خطوط إنتاج لتصميم ملابس خاصة لها، بالإضافة إلى إكسسوارات مثل الأحذية، الحقائب، الكاميرات وعلب عرض فاخرة تُعامل فيها "لابوبو" كقطعة فنية.

على منصة "تيك توك"، باتت الدمية قطعة أساسية تُرفق بالحقيبة كرمز للتميز الشخصي وتداولت المؤثرات فيديوهات ساخرة تؤكد فيها إحداهن: "إذا شنطتك بدون لابوبو... يعني الحين انتي ما سويتي الترند!"

وترافق هذه الفيديوهات تعليقات أخرى تشير بسخرية إلى من يلاحقون «الترند» بلا وعي، فيما توثق الصور المتداولة على الإنترنت مشاهد لدمى ترتدي أزياء فاخرة وتُعرض بأناقة في صناديق مخصصة، ما يرسّخ صورة جديدة للعبة بوصفها «اكسسوار نمط حياة» لا يقل عن مستحضرات التجميل أو الحقائب المميزة.

لعبة "لابوبو".... متى نقول لأولادنا ..لا ؟!
أرقام خيالية

بين من يعتقد أن «لابوبو» مجرد «ترند» مؤقت ومن يراها تحولًا فعلياً في ثقافة السوق، تواصل الدمية ترسيخ حضورها بقوة ومع استمرار إصدار نسخ محدودة وارتفاع تفاعل المشاهير والمصممين، يبدو أن هذه الظاهرة لم تبلغ ذروتها بعد، بل تمضي بثبات نحو مزيد من الانتشار والتأثير.
وبيعت دمية "لابوبو" ضخمة في مزاد علني بـ150 ألف دولار، وسط طفرة عالمية في الطلب على المنتجات التي تجسد هذه الشخصيات المصنوعة في الصين.
ووفقا لوكالة "فرانس برس"، أصبحت لهذه الشخصيات إكسسوارات رائجة في غضون أسابيع قليلة، وحملتها نجمات مثل ليزا من فرقة "بلاك بينك" الكورية الجنوبية والمغنيتين ريهانا ودوا ليبا.

وبيعت دمية باللون الفيروزي لشخصية "لابوبو" بجسم ورأس مشعرين وبطول 131 سنتيمترا، بسعر هائل بلغ 1,08 مليون يوان (150 ألف دولار) في مزاد ببكين، وفق دار "يونغلي" للمزادات التي أشارت إلى أن هذه القطعة "الوحيدة من نوعها في العالم".

وعُرضت الدمية إلى جانب منتجات أخرى من "لابوبو"، بينها مجسم صغير بشعر بني بطول 160 سنتيمترا، بيع بمبلغ 820 ألف يوان (114 ألف دولار).

وبلغت شعبية ألعاب "لابوبو" المحشوة حدا دفع العلامة التجارية إلى إزالتها من متاجرها التقليدية في المملكة المتحدة، نظرا لطوابير الانتظار الطويلة التي قالت إنها تثير مخاوف أمنية.

في سنغافورة، أظهرت لقطات من كاميرات المراقبة عائلة تسرق دمى "لابوبو" من آلة لتوزيع ألعاب الدببة المحشوة".

في الولايات المتحدة، اقتحم لصوص متجراً في كاليفورنيا، وسرقوا الكثير من ألعاب "لابوبو"!

وفي دبي، كما في عدد من المحال التجارية حول العالم، تكررت مشاهد الطوابير الطويلة التي تبدأ منذ الصباح الباكر، خصوصاً أمام متاجر تعرضها حيث يحرص المعجبون على أن يكونوا من أوائل من يحصلون على الإصدارات الجديدة، ما يؤكد أن «لابوبو» لم تعد مجرد دمية، بل أصبحت علامة وترنداً عالمياً.

لعبة "لابوبو".... متى نقول لأولادنا ..لا ؟!
كتّاب وآراء

جذبت "ظاهرة" هذه اللعبة الكثير من الكتّاب الذين سلطوا الضوء عليها من خلال مقالاتهم المنشورة في المجلات والصحف المحلية، وبحثوا في أسباب انتشارها والحلول الممكنة للسيطرة على سلبياتها، ونعرض لكم نماذج من هذه المقالات:

نشر الكاتب د. يوسف الشريف، في صحيفة الإمارات اليوم مقالاً بعنوان "لابوبو"، قال فيه: في عالم تتبدل فيه القيم بتبدل خوارزميات الشبكات الاجتماعية، لا عجب أن نرى دمية تُباع في مزاد علني بمبلغ 150 ألف دولار، كما حصل مع دمية «لابوبو»، تلك الشخصية الغريبة الشكل التي سرعان ما أصبحت «ترند» بعد أن روّج لها أحد المؤثرين، لكنها ليست مجرد دمية، بل تحولت إلى مرآة تعكس خللاً اجتماعياً ونفسياً يستحق التوقف عنده طويلاً.
وأضاف قائلاً: وفي ظل هذه المشاهد المتكررة، لابد من التفكير الجاد في معالجة جذور هذه الظاهرة. جزء كبير منها يعود إلى تسويق المحتوى الفارغ الذي يضع التافه في قالب جذاب، وجزء آخر إلى غياب الوعي النقدي، خصوصاً لدى الأجيال الأصغر التي ترى في هذه الظواهر وسيلة للانتماء أو للفت الانتباه.
وعن الحلول قال: أما الحلول فتبدأ بالتوعية لا بالوصاية. نحتاج إلى تعزيز التربية الإعلامية في المدارس، وبثّ ثقافة النقد الواعي، ودعم خطاب يعيد الاعتبار للقيمة الحقيقية، والتفرد الواقعي. كما أنه على المؤسسات الثقافية والإعلامية أن تؤدي دوراً في كشف عبثية هذه «الترندات»، بدلاً من الترويج لها.
وختم مقاله قائلاً: وفي النهاية، كما كانت تردد الأغنية الدعائية للعبة: «لابوبو.. لابوبو»، نرددها نحن اليوم لا كأغنية، بل كصرخة ساخرة من هذا الانجراف الجماعي، لأننا كلما فقدنا وعينا وراء «ترند» عابر، أصبحنا أقرب إلى أن نشتري الوهم، ونُباهي به، ثم ننساه إلى أن يظهر «بوبو» آخر جديد.


د. خالد راشد الزيودي، باحث دكتوراه في إدارة الأزمات والمخاطر، تحدث في مقاله المنشور في صحيفة "الخليج" ، تحت عنوان: عصر جديد.. من «صُنع» إلى «وُلد» في الصين!
حيث قال: يصطفّ آلاف الأشخاص أمام متاجر عديدة حول العالم، من طوكيو إلى نيويورك، ومن دبي إلى لندن، في انتظار فرصة الحصول على دمية «لابوبو» التي أصبحت ظاهرة عالمية في فترة زمنية قصيرة جداً. هذه الدمية الصغيرة، التي أبصرت النور في استوديو فنان صيني في عام 2015، ثم احتضنتها إحدى الشركات الصينية البارزة في عام 2019، تجاوزت كونها مجرد لعبة بسيطة، لتصبح أيقونة ثقافية عابرة للحدود، بل وصل الأمر إلى بيع إحدى نسخها في مزاد علني في العاصمة الصينية بكين، بسعر تخطى مليون يوان (قُرابة 150 ألف دولار أمريكي). إن دمية «لابوبو» في جوهرها ليست مجرد منتج تجاري، بل هي رمز واضح لعصرٍ جديد، عصر تتحول فيه الصين من «صُنع في الصين» إلى مرحلة "وُلد في الصين".


الكاتب علي عبيد الهاملي، تحدث في مقاله المنشور في صحيفة "البيان" تحت عنوان في انتظار "لابوبو"، حيث قال: في عالمنا هذا، حيث تتسارع وتيرة التغيرات بشكل غير مسبوق، تبرز بعض الظواهر التي تحمل في طياتها مزيجاً من الغرابة والجاذبية، لتغزو كل زاوية من زوايا حياتنا. إحدى هذه الظواهر هي «لابوبو».. لعبة قد تبدو للكثيرين مجرد دمية صغيرةٍ ذات وجه عابس، لكن وراء هذه اللعبة البسيطة يكمن عالمٌ من الظواهر الثقافية الاجتماعية التجارية التي يعجز البعض عن فهمها.
وأضاف قائلاً: لكن ما الذي جعل «لابوبو» تصل إلى هذه الشعبية الكبيرة؟ .. هنا يأتي دور عنصر المفاجأة في اللعبة، حيث يتم بيع دمى «لابوبو» ضمن صناديق مغلقة، بحيث لا يعرف المشتري أي إصدار سيحصل عليه حتى يقوم بفتح الصندوق الذي اشتراه. هذه الفكرة البسيطة أضافت عنصر التشويق والإثارة لدى محبي جمع الألعاب والدمى، وجعلت كل عملية شراء رحلة اكتشاف جديدة .. فكما هو الحال مع الألعاب المجمعة، مثل بطاقات «البوكيمون»، صار للعبة «لابوبو» سحر خاص ومختلف، مغلف بالغموض والإثارة.
وختم مقاله قائلاً: وإذا كانت «لابوبو» قد بدأت كدمية عابسة في عالم غريب، فإنها اليوم أصبحت ظاهرة اجتماعية وتجارية، تجمع بين الترفيه والفن والشغف الشخصي.. فقد أثبتت هذه اللعبة كيف يمكن لشيء بسيط أن يتحول إلى رمز ثقافي عالمي، حينما يكون خلفه فكرة مبتكرة وأسلوب تداول جديد يعكس التغيرات السريعة في ثقافات الأجيال. «لابوبو» ليست مجرد دمية، بل هي رمز للعصر الذي نعيشه، حيث يلتقي الفن بالتجارة، ويعكس اختلاف الأفراد وتنوع اهتماماتهم. في النهاية، تبقى هذه الظاهرة درساً في كيفية تحول الأشياء الصغيرة إلى تأثيرات ثقافية كبرى، تترجم إلى شغف يجذب العالم كله نحو عالم غريب، ويجعله يقف في طوابير طويلة من أجل الحصول على دمية.

لا ترفع حاجبيك مستغرباً، فربما وجدت نفسك قريباً واقفاً في طابور طويل من أجل الحصول على "لابوبو".

التعليقات

فيديو العدد