"وطن الاستدامة"... يُبرز إرث الإمارات وريادتها في مجال الاستدامة
العدد 156 - 2023
تعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة من أوائل الدول التي كرست اهتمامها للاستدامة، واحتضنت وطورت العديد من الخطط و المشاريع، وخصصت عام 2023 الجاري ليكون "عام الاستدامة"، ويعتبر مقر مبنى بيئة من أهم مشاريع الاستدامة في الدولة عموماً وفي إمارة الشارقة على وجه الخصوص.
يمتد المقر الرئيسي لمجموعة بيئة على مساحة كلية تقدر ب93 ألف متر مربع، ويقع في منطقة الروضة في إمارة الشارقة، ويتسع ل500 شخص، ويعتبر أحد أكثر المباني استدامة وذكاء، ونموذجاً مثالياً ومميزاً لما ستكون عليه المكاتب في المستقبل.
يعتبر المبنى الذي صممته المبدعة الراحلة المهندسة زها حديد من المباني المعززة بالتقنيات العصرية، وهو يتناسب مع المدن الذكية التي تستشرف المستقبل، وتحقق التوافق بين أفراد المجتمع والأعمال والصناعات المستقبلية.
من أهم ما يميز المبنى تصميمه المستدام والذي أضاف معياراً جديداً ومتطوراً للإنشاءات والمباني الخضراء في المنطقة، وانسجامه مع البيئة الصحراوية لدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث صمم ليتماشى مع المناخ السائد في الدولة، كما أخذ شكل الكثبان الرملية التي تعتبر جزءاً من البيئة المحلية، كما يضم المبنى مسرحاً حديثاً يتسع ل220 شخص، ومساحات مكتبية مفتوحة ومكاتب فردية تتسع لأكثر من 200 شخص.
فيما يخص استدامة المبنى فقد صمم وفق معايير "لييد" البلاتينية للاستدامة العمرانية، حيث يعمل المبنى بالكامل بالطاقة المتجددة ويحقق صفر انبعاثات، ويسمح الهيكل المنحني في المبنى بتدفق ضوء الشمس، وبالتالي يقلل من الطاقة اللازمة للإضاءة، كما أن الكتلة الحرارية العالية تسمح بامتصاص الحرارة أثناء النهار وتبديدها ليلاً، مما يقلل من الطاقة اللازمة للتبريد، والهيكل كذلك مصنوع من مواد بناء معاد تدويرها، كما تتم معالجة مواد الهدم والنفايات في مرافق متخصصة تابعة لمجموعة بيئة، وتقوم محطة معالجة مياه الصرف الصحي في الموقع بإعادة تدوير المياه وإعادتها للمبنى، وتعمل الألواح الشمسية على تزويد المقر الرئيسي بالطاقة، والمبنى معزز بأنظمة تحكم بالتهوية وأعمال الميكانيكا والكهرباء والسباكة بهدف توفير 90% من الطاقة، وتم تركيب النوافذ التي تقلل نفاذ الطاقة الشمسية لتقليل دخول الأشعة تحت الحمراء والأشعة فوق البنفسجية، كما زرعت الحدائق بنباتات تستهلك كميات قليلة من المياه وبنظام ري حديث، كل هذه التفاصيل التي أخذت بعين الاعتبار عند تصميم المبنى جعلته بالفعل من أفضل مباني الاستدامة في العالم.
والاهتمام لم يكن للاستدامة فحسب، بل صمم المبنى وفق أكثر من 100 تقنية تستخدم الذكاء الاصطناعي، وقدرات التعلم الذاتي، فالمكاتب مجهزة للعمل عن بعد، والعمل الهجين، وتقنية الواقع الافتراضي، ويتميز المبنى باهتمامه بكافة التفاصيل المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، فعلى سبيل المثال يمكن للموظفين ضبط الضوء ودرجة الحرارة تلقائياً بناء على رغبة الموظفين، كما يتمتع المبنى بوجود قاعة اجتماعات ذكية تقوم تلقائياً بنسخ محاضر الاجتماعات وإرسالها عبر البريد الإلكتروني لجميع المشاركين، وغيرها الكثير من تقنيات قوية مميزة مبتكرة متكاملة تعتبر الأولى من نوعها في العالم.
كل هذه الميزات أهلت مبنى بيئة للفوز بعدة جوائز منها مثلاً جائزة "التصميم المعماري للعالم"، من جوائز "بيلت ديزاين"، وجائزة الجمعية البريطانية العالمية للتصميم الداخلي، وجائزة "ذا بلان" والجائزة الذهبية ضمن جوائز "وان"، وذلك خلال العام الماضي 2022.
التعليقات