عُمال التوصيلات الداخلية.. يجمعهم حلم الاجتماع مع الأهل والأبناء
العدد 159 - 2024
الجميع يفتش، الجميع يبحث؛
والبسيط يبحث عن الراحة، فهل يجدها؟
إنهم ليسوا أشخاصاً غرباء عنا، نراهم كل يوم، وفي كل مكان نذهب إليه، مع اختلاف نوع عملهم الذي نراه بسيطاً؛ إلا أن غيابهم عنا ولو ليوم واحد سيجعلنا ندرك مدى أهمية ما يقومون به. لهذا قررت "مرامي" في كل عدد التحاور مع أحدهم عن قرب، والذهاب إليه في مكان عمله حتى تكون معه في عالمه، وتنقله للقارئ لنسلط الضوء على أهمية عمل هذه الفئة، وأحلامهم وأمنياتهم وأحزانهم.
في هذا العدد التقت "مرامي" مع سانجيب، الذي يعمل سائقاً لمعدّة ثقيلة في شركة إنشاءات، وتتمثل وظيفته في الحفر داخل الجبال، لتمهيد الأراضي لإنشاء مُدن ومناطق وطرق وبنايات جديدة، هو يعمل لساعات طويلة بداخل هذه المُعدّة، وعلى الرغم من ضرورة وجوده طوال هذا الوقت في هذه المساحة الصغيرة، إلا أنه يحاول جاهداً تطوير نفسه والحصول على تدريبات لأنواع أخرى من المعدات في نفس المجال.
بداية قال: وجدت هذه الفرصة منذ سبع سنوات عن طريق صديق من بلدتي، قد سبقني إلى دولة الإمارات الحبيبة، وشجعني على القدوم هنا والعمل معه في نفس الشركة، حيث كان يعلم مدى احتياجي إلى باب رزق جديد لإعالة أسرتي، وتوفير حياة كريمة لأولادي، وقبل البدء في هذا العمل اجتزت فترة من التدريب على قيادة المُعدة ومعايير الأمن والسلامة اللازمة.
ليست الصعوبة في قيادة المعدّة، حيث إنها مُجهزة بكافة الآليات التي تجعل استخدامها سهلاً والتحكم في حركتها ممكناً، والقيام بالأعمال المطلوبة من خلالها، ولكن تكمن الصعوبة في الساعات الطويلة التي أقضيها في الداخل حتى انتهاء ساعات الدوام، باستثناء وقت قصير لتناول وجبة الغداء، وأعود للداخل مرة أخرى، فالعمل عليها واستعمالها يتطلب عدداً من إجراءات الأمن والسلامة، وبالطبع مررت بوقت كبير من التدريب على استخدامها قبل اعتمادي سائقاً لها، وأسعى للحصول على تدريبات متنوعة لأستطيع العمل على أكثر من مُعدّة في نفس المجال.
ويضيف: على الرغم من الشعور بالملل في بعض الأحيان عند قضاء كل هذه الفترة الطويلة في داخل المُعدّة، إلا أنها تكون في أحياناً أخرى وقتاً للتأمل والتفكير، والبحث عن طرق لتطوير نفسي، وخاصة أنها تقوم بهدم الأراضي لإعادة بنائها بشكل منظم ومرتب مرة أخرى.
أحرص على قضاء الساعات المُتبقية من اليوم في الحديث مع عائلتي هاتفياً لمعرفة أخبارهم والاطمئنان عليهم، أما يوم العطلة فيكون مخصصاً للأعمال المنزلية كالتنظيف والغسيل والتسوق لشراء المنتجات الغذائية وطهو الطعام، وفي بعض الأحيان أخرج للتنزه مع الأصدقاء.
أحمل لهذه الدولة الحبيبة وأناسها الكرماء الطيبين كل الود والمحبة، ولها مكانة خاصة في قلبي، فقد وجدت فيها الرزق والحياة الكريمة، فهي تحتضن الكثير من الجنسيات المختلفة، وتوفر لهم بيئة التعايش في سلام ووئام وتسامح.
الأحلام لا تنتهي طالما أن العمر مستمر، ولكن على الإنسان السعي لتحقيقها، وتظل أهم الأمنيات هي الستر والصحة، ولمّ الشمل مع العائلة والأبناء.
التعليقات