الأمل والتفاؤل .. وجهان لعملة واحدة

ريم حنيني - دمشق

يلعب الأمل دوراً محورياً في تشكيل تجربة الإنسان الحياتية، إذ يعزز الإنجازات الشخصية والدافعة للنجاح كما يساهم في توطيد العلاقات الإنسانية، فالتفاؤل والأمل من أفضل الأمور التي تقوي النفس وتجعلها صامدة أمام عقبات المجتمع كما يعودان على المجتمع والفرد بكل خير.

قصة تفاؤل

أيمن عجمي

تعد قصة "رولا محمد" من أكبر الأمثلة على أثر طاقة التفاؤل في حياة الإنسان، وتسرد قصتها لمرامي قائلة: "نشأت في أسرة مفككة بكل معنى الكلمة، بين أبوين لا يعرفان سوى العطاء المادي في حياة أبنائهما، وحتى الصف التاسع لم يكن لديّ أي نوع من الطموح ولم أكن أبالي بأن أكون من المتفوقات في مدرستي أو لا، حتى وصلت للصف العاشر وجاء يومها موعد استلام الشهادات الدراسية كان ترتيبي في الصف العشرين".

تردف رولا ضاحكة: "تسلمت الشهادة وأنا غير مبالية حتى لمحت نظرة سخرية من إحدى الفتيات اللاتي كنت أتشاجر معهن في الصف وكانت تعايرني بأنني من الكسالى وهي من المتفوقات، لكن نظرتها في تلك المرة استوقفتني وأحسست بتيار من التوتر سرى بأوصالي عدت إلى مقعدي وشهادي بيدي أجر أذيال خيبتي وعيناي محمرتان من محاولاتي الفاشلة لإخفاء دموعي".

فتحية القرني

وتضيف: "هنا تذكرت والدتي التي ترقد على فراشها بسبب المهدئات التي تجعلها نائمة على مدار الساعة كونها تعاني من مرض انفصام الشخصية، تذكرت معايرة الكثيرين لنا من الجيران ونحن في الغربة بأننا بنات جارتنا المجنونة فممنوع الاقتراب منا، تذكرت لامبالاة والدي الذي يكتفي فقط بإلقاء النقود لنا وذلك من وجهة نظره كافٍ لأداء دوره الأبوي بشكل كامل".

وتواصل رولا سرد قصتها لمرامي قائلة: "من لحظتها عقدت العزم على التفوق.. نعم التفوق.. استعنت بالله ورتبت لنفسي جدولاً حياتياً ودراسياً منظماً تضمّن أوقاتاً لدراستي وأوقاتاً للعناية بوالدتي وأختي اللتين لم يكن لهما أحد سواي فعلياً، هذا التغيير كان محط أنظار المعلمات في مدرستي وأنظار الجيران، الكل عايش التغيير الذي حول فتاة سطحية إلى فتاة ناضجه متزنة في تصرفاتها وكلامها وردود أفعالها تجاه الآخرين، حتى أختي تغير مستواها الدراسي بفضل الله وعنايتي بها، حتى والدتي _رحمها الله_ في ذلك الوقت تحسنت نوعاً ما لأنني صرت أحرص على أن تخرج بصحبتنا من المنزل للحديقة وللجلوس أمام البحر كوننا كنا نقيم في مدينة ساحلية بإحدى دول الخليج العربي الشقيق، وفي كل فصول حياتي لم أنكر أنني كنت أعجز وأنكسر، لكنني وبعد دقائق أرفع رأسي إلى السماء وأناجي الله سبحانه وأطلب منه أن يمنحني القوة والصبر كي أنهض وأواصل".

الحياة المشرقة

لين سنجقدار

وتؤكد فتحية القرني لمرامي أهمية الأشخاص الإيجابيين في حياتنا حيث إن الصاحب ساحب: "الإيجابيون يجعلون حياتنا أكثر إشراقاً وإشباعاً ويذكروننا بأهمية الاستمتاع باللحظات البسيطة والتفاصيل الصغيرة التي تضيف قيمة لحياتنا".

ويتفق أيمن عجمي مع فتحية القرني في أن الأمل يشكل دوماً مصدراً متجدداً للبهجة في حياة الإنسان، إذ يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمشاعر الامتنان والتقدير للحظات الإيجابية، فالأشخاص الذين يتمتعون بنظرة متفائلة للمستقبل يميلون إلى تطوير حس عميق بالامتنان، مما يجعلهم أكثر قدرة على استشعار الجمال في تفاصيل الحياة اليومية ونتيجة لذلك لديهم سلسلة متصاعدة من الفرح.

أما لين سنجقدار فتتخذ دوماً في تفاصيل حياتها اليومية المقولة الشهيرة "أقداركم تؤخذ من أفواهكم"، فإن دعوت الله بالنجاح ستنجح وإن دعوته سبحانه بالتيسير سييسر لك جل وعلا أمورك كلها، كما أن الله لن يلهمك الدعاء بشيء لا يريده لك ولا ليمنعك أجره، بل يلهمك سبحانه لأنه يريدك أن تأخد ما تتمنى بإذنه سبحانه وتعالى.

الأمل والتفاؤل

شاهر عبد الفتاح

ويروي شاهر عبد الفتاح لمرامي موقفاً حصل مع أحد أصدقائه قائلاً: "أحد الأصدقاء المقربين كان يعمل في مجال الإعلام بإحدى دول الخليج إلا أن مرتبه كان بالكاد يكفي متطلبات الحياة من مأكل ومشرب وإيجار البيت الذي يقطن فيه مع عائلته، وفي سنة من السنوات صدف أن حلول عيد الأضحى المبارك في أواخر الشهر حيث لم يكن لديه من المال سوى ما يقضي به متطلبات الحياة الأساسية لأطفاله مما ولّد لديه شعوراً مؤلماً بالعجز، إلا أنه سلم أمره لله وقال في نفسه بأن العيد القادم سيقضيه أولاده بملابسهم القديمة، وقبل العيد بأيام قليلة وأثناء تفقده لصندوق البريد الخاص به يتفاجأ بوجود ظرف من أحد البنوك في البلد التي يقيم بها ففتح المظروف باستغراب ليتفاجأ بوجود شيك مرسل له من إحدى المجلات الصادرة في السعودية عن مقال قام بإرساله من شهر ونسيه وتذكر صديقي في لحظتها وعيناه دامعتان من الفرحة ذلك الحديث القدسي القائل من المولى سبحانه وتعالى "تشاء يا عبدي وأشاء فإن رضيت بما أشاء.. أعطيتك ما تشاء".