البث المباشر .. لغة تواصل وتفاعل
العدد 142 - 2020
عندما يرتبط أي عمل باسم الممثل الكويدي الشهير "روان أتكينسون"، يتبادر إلى ذهن المشاهد مباشرة أعماله الكوميدية السابقة القائمة على وقوع الممثل المستمر في المصائب والكوارث في قالب كوميدي، وبالفعل قدم أتكينسون من خلال مسلسل "رجل في مواجهة نحلة"، هذه الشخصية الطريفة، حيث يجد نفسه في معركة مع نحلة! وإن كان العمل كوميدياً إلا أنه لا يخلو من الجوانب الانسانية، حيث يعاني بطل المسلسل من الفشل في إيجاد وظيفة لفترة طويلة، وتنفصل عنه زوجته ويحرم من ابنته، ويشعر بسعادة وتفاؤل وهو يستلم أخيراً عمله الجديد كناطور لمنزل، حيث يطلب منه حراسته والاعتناء بالكلبة المدللة "كاب كيك"، أثناء سفر أصحاب المنزل، ويفاجأ بالبذخ والتطور والكنولوجيا التي تعمل أجهزة المنزل وفقاً لها، وبالتحف الثمينة التي يمتلكها أصحاب المنزل، ومن الملفت في العمل اتصال بطله مباشرة بابنته ليبشرها بعمله الجديد ويؤكد لها أنه سيشتري لها كل ما تريده، فعاطفة الأبوة والأمومة تبقى هي المسيطرة رغم كل شيء، فهو كان حريصاً على جعل ابنته فخورة به.
وسرعان ما تبدأ المشكلات عندما يكتشف وجود نحلة في المنزل ويصمم على التخلص منها، ولكنه للأسف يدمر المنزل ويهمل الكلبة المدللة أثناء محاولاته المستميتة تلك ويجد نفسه في المحكمة متهماً بإتلاف ممتلكات ثمينة، وإن كانت الرسالة المباشرة للعمل الضحك والترفيه فقط، إلا أن الرسائل الأخرى التي علينا الالتفات لها، هي أن نزاعاتنا مهما بدت لنا مهمة ومصيرية إلا أنها تافهة كتافهة حربنا مع نحلة صغيرة تزعجنا، وأن استمرارنا في هذه النزاعات قد يدفعنا لخسارة الكثير..أسرة..أصدقاء...عمل..وغيرها،
لنشعر بالندم بعد فوات الأوان ونتساءل بحسرة...هل كانت المعركة تستحق كل هذه الخسارات؟! بالطبع لها، فالتجاهل أحياناً والتغافل في بعض الأمور هو انتصار بحد ذاته، ومن جانب آخر تصلنا رسالة أخرى، مفادها أن بعض الأمور التي قد نراها تافهة وصغيرة وليست ذات أهمية أو تأثير قد تكون كالشرارة التي تشعل ناراً هائلة تبتلع ألسنتها كل ما يحيط بنا، فالنحلة الصغيرة الماكرة نجحت في دفع بطل العمل لتدمير ما حوله، ومن جانب آخر يؤكد العمل على أن الانسان عدو ما يجهل، وأن التكنولوجيا التي وجدت لتطوير حياتنا وجعلها أسهل قد تجعلها معقدة أكثر إن لم نتعلم جيداً كيفية الاستفادة منها، فبطل العمل يعجز عن الوصول حتى لطعام يتناوله أو دخول المنزل بسبب عدم تمكنه من استخدام التكنولوجيا، وأخيراً يفاجئنا العمل في نهايته ويقدم لنا رسالة مفادها أن علينا ألا ننجذب للمظاهر ونحكم على الأشخاص من خلالها، فالزوجين المرفهين في هذا المنزل الفخم المتطور المتخم بالتحف واللوحات الثمينة، هم في الحقيقة يتبعون أساليب نصب واحتيال للاستفادة من التأمينات والحصول على الأموال بطرق غير مشروعة!
إذاً ليس الضحك وحده هو ما سيقدمه لك مسلسل "الرجل فسي مواجهة نحلة"..بل بعض الدروس والرسائل والعبر...
التعليقات