"كيناوي" طالبة تايلاندية.. تعلق قلبها بالإمارات
العدد الخاص بمناسبة عيد الاتحاد 53 - 2024
ليزر..ليزر…ليزر كلمة بتنا نسمعها باستمرار في مختلف المجالات والاستخدامات، فهي حاضرة بالنشرات الإخبارية عند الحديث عن الحروب وتقنيات الأسلحة المتطورة، كما أنها حاضرة بمجال الصناعة الثقيلة منها والمخملية كصقل الماس والأحجار الكريمة وصياغة المجوهرات، وهي الحاضرة بثِقلٍ متسارع بالمجال الصحي والطب الجراحي، وللإستنارة بأهمية الليّزر بهذا الجانب الذي يخدم القاسم المشترك لدى الجميع " الصحة"، التقينا استشاري ومتخصص عالمي بتقنية الليزر في الجراحة العامة وجراحة القولون والمستقيم بالمنظار الدكتور طارق علي ناصر، ودار معه الحوار التالي..
أولى محطة دراسية بالتخصص الطبي كانت في كلية الطب بجامعة العلوم والتكنلوجيا في اربد – الأردن، ثم التخصص بالمملكة المتحدة ولمدة عشر سنوات والحصول أولاً على عضوية الجراحين الملكية عن طريق التدريب بمدينة مانشستر، فالالتحاق بالتدريب بالتخصص العالي في جراحة القولون والمستقيم والجهاز الهضمي وانهيت التخصص بعام 2013، وبدأت حياتي المهنية بالعمل بالمستشفيات الخاصة في الرياض بالممملكة العربية السعودية ولسبع سنوات، فالعودة للأردن والاستقرار في الوطن 2020 وذلك خلال جائحة كوفيد 19.
مع التقدم العلمي زادت المعرفة الطبية وبالتالي بدأت تركز على تخصصات دقيقة فبعد أن كان الجراح في السابق "جراحاً عاماً" يمكنه إجراء كافة أنواع الجراحات بالجهاز العظمي أو الهضمي والغدد، ولكن بالتطور العلمي وغزارة توفر المعلومات بكل تخصص تولدت الحاجة لولوج علم التخصصات الفرعية، فكل جراح يتدرب أولاً على الجراحة العامة ومن ثم يتفرغ للتخصص في جانب يمكن أن يغوص بأعماقه المعرفية والمهارية، وعليه نرى اليوم مثلاً تعدد التخصص الجراحي بالجهاز الهضمي نفسه وفي كل جزء منه، فهناك اليوم جراحين في البنكرياس والكبد والقنوات الصفراوية، وهذا بسبب زيادة البحث ونتائجه المعرفية بكل تخصص فرعي وهو بالتأكيد من مصلحة المريض لأن معاناته من مشكلة معينة سرعان ما تنتهي حين يجد أطباء متخصصين بهذه المشكلة ويعرفون عنها أكثر من الجراح العام قديماً.
أنا أنتمي لنخبة جراحي الجيل الجديد المؤمنين بفلسفة "Minimally invasive "surgery أي التدخل الجراحي الأقل أذى للمريض والذي يحقق الراحة له وبمدة شفاء سريعة خلافاً للجراحة التقليدية. ففي السابق مثلاً كانت عملية المرارة تتطلب فتحة ببطن المريض بطول 30 سم مع البقاء بالمستشفى لأسبوع والامتناع عن الأكل لبضعة أيام بعد العملية، بينما بالتقدم العلمي وتطور جراحة المنظار بات الأمر يقتصر على ثقوب بسيطة بالبطن مما يتيح للمريض فرصة مغادرة المستشفى إما في اليوم الثاني، أو حتى نفس اليوم، وبالتالي إيماني بأهمية التقدم العلمي لخدمة المريض وتقليل الألم والمعاناة، ولذا تراني أكون من السباقين لتبني والتدرب على أي تقنية جراحية تعمل على التقليل من ألم المريض ومعاناته ولا سيما الليزر وهي أحدثها فيما لو كانت تصلح لحالة المريض.
أرى ضرورة وجود مركز خاص للعناية بالمرضى وهذا ما تعرفت على أهميته في الجامعة التي تخصصت بها بالمملكة المتحدة، فالمريض يطمئن حين يكون بين الحلقة الطبية التي تعمل لخدمته، فمن حق المريض معرفة تشخيصه المرضي، وطبيعة مرضه وأسبابه، وطرق العلاج الممكنة والمتاحة عالمياً، فحتى إن لم أكن أنا متخصصاً بالليزر وصادفني مريض يمكن أن يتم علاجه بجراحة الليزر فالوازع الأخلاقي الطبي يحتم عليّ أن أعرفه بذلك وبالتالي هو صاحب القرار، فطرق التوعية أولاً تبدأ من العيادة بلقاء المريض بالطبيب، وتعريفه بكل الخيارات التي يمكن التعرف عليها بالإنترنت أو تكون معروضة على المواقع الإلكترونية للمستشفيات التخصصية العالمية، إضافة الى أن واجبنا يحتم على الكوادر الطبية التوعية العامة بهذا الخصوص بمواقع التواصل الاجتماعي التي باتت معروفة اليوم بشكل فعال ومتاحة للجميع، فمثلا من خلال حساباتي الشخصية على ال Face Book, Instagram عليّ أن أحدث صفحاتي بالمعلومات الطبية المستجدة عالمياً بمجال تخصصي لتوعية المطلعين عليها بلغة بسيطة الفهم للمريض قدر الإمكان بعيداً عن التعقيد. كذلك عرض ما يستجد عن كل مرض والنصائح الموجهة بخصوص أعراضه ودلالاته ومتى يتوجب عليه مراجعة الطبيب إضافة إلى لقاءات نشارك بها ببرامج الإذاعة والتلفزيون وبالأخص بالمواسم التي تستلزم ذلك كشهر رمضان.
الليزر هو عبارة عن تقنية لإعطاء طاقة معينة بمكان معين فإما تسبب الحرق أو ينتج عنها تصحيح لحاجة معينة، وعليه مؤخراً فقد تم استغلالها بالطب إضافة إلى المجالات المتعددة غير الطبية، ففي الطب باتت فعالة بتخصص الأنف والأذن والحنجرة، والجلدية لإزالة الشعر وإخفاء الندبات الجلدية غير المرغوب بها ولكن كل ليزر يختلف عن الآخر، ومؤخراً تم استخدامه بنجاح بجراحة القولون والمستقيم والقناة الشرجية، كما يستخدم الليزر بكثير من الاستطبابات، مما شجعني على الغوص بعالمه وقضاء فترة طويلة بالتدريب بالمملكة المتحدة ومواكبة المؤتمرات العالمية على استخدامه ولا زلت أتابع كل جديد لثقتي بفاعليته بالجراحة وراحة المريض، والحمد لله الآن انخرطت بال Guide lines of Development Group عالمياً، وهؤلاء هم مجموعة الخبراء العاملين بالليزر والمسؤولين عن وضع الخطوط الإرشادية والتعليمات لطريقة استخدام الليزر. ومؤخراً تم استخدام الليزر أو هذه الطاقة التي تعطى لعمل حاجة في الجسم لتُغني المريض عن الجراحة وبمختلف الحالات المرضية مع ضمان تقليل معاناة المريض بدرجة كبيرة وسرعة شفائه دون الحاجة للمبيت بالمستشفى وأهمها حالات البواسير والناسور مع التأكيد على أن الليزر لا يلغي أهمية الجراحة التي لا بديل عنها في حالات مرضية كثيرة.
التعاون موجود وبمستويات متميزة، فمثلاً لدينا هنا بمستشفى العبدلي بعمان – الأردن مركز تدريبي، ونحرص دائماً وبالتعاون مع الشركات المزودة لليزر باستقطاب وتدريب الأطباء الراغبين بولوج عالم الجراحة بالليزر، كذلك نشارك بمختلف المؤتمرات العربية بهذا التخصص لنفس الغرض والمشاركة مع الأطباء العرب بتفاصيل وأحدث ما خبرناه باستخدام الليزر وعن مجمل الحالات التي من الممكن استخدامه لعلاجها، كما أننا حريصون على حضور المؤتمرات العالمية وفيها كذلك لنا لقاءات مع أطباء الدول العربية الشقيقة، وقد تشرفت بالعمل على نفس السياق بدول الخليج العربي وهناك نخبة مميزة بخبراتها ومهارتها بتقنية الليزر كما في دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والكويت، لذا فإن لقاءاتنا هذه تكون تفاعلية وبناءة بالنقاشات وتبادل الزيارات للإطلاع على آخر المستجدات العالمية بهذا التخصص، وسأكون في دبي قريباً للمشاركة بمؤتمر واجتماع الأطباء المستخدمين لتقنية الليزر كعضو ممثل عن دول الشرق الأوسط في Guide lines of Development Groups ، ومؤتمر دبي هو مؤتمر عالمي كبير يجمع تحت مظلته كبار أطباء جراحة القولون والمستقيم والشرج المستخدمين لتقنية الليزر، وذلك لإلقاء المحاضرات وعرض ومناقشة الخبرات والتدريب العملي على أحدث الأجهزة، والخروج باتفاق على التعليمات العامة لاستخدام الليزر والتوجيه بكيفية تسخيره بالجراحة، علماً أني سأغادر إلى اليونان قريباً للمشاركة باجتماعات مكثفة مع الفريق الأوربي من ألمانيا وبلجيكا وكافة دول الاتحاد الأوروبي، وذلك لوضع المحاور الأساسية لجدول مؤتمر دبي لأنه سيكون مؤتمراً على أعلى مستويات الأهمية في تحديد المعايير المعتمدة لجراحي الليزر، وكل ذلك إنما يصب بمصلحة المريض.
التعليقات