الكاتبة اللبنانية الكندية نادين رنو: الأطفال يكبرون بحب الآباء

الكاتبة اللبنانية الكندية نادين رنو: الأطفال يكبرون بحب الآباء
الكاتبة اللبنانية الكندية نادين رنو: الأطفال يكبرون بحب الآباء

استيعاب اللغة التي يفكر يها الأطفال وتفهم طبيعة معاناتهم تكاد تكون من أصعب المهام التي يشهدها عالمنا اليوم، ولذا نجد أن القليل من الكتاب والمفكرين يخوضون في الكتابة بهذا المجال نظراً لصعوبته وتعذر الوصول إلى فهم ما يدور في كوامن تفكير الأطفال، هذا الأمر لا يقتصر على العالم العربي وإنما أيضاً على الأدباء والمفكرين الغربيين، ولذا إننا في حوارنا هذا مع الكاتبة اللبنانية الكندية نادين رنو، نتفرد بنقل تجربة قل نظيرها في كتاب "تحبني أو لا تحبني" وهو كتاب صغير بصفحاته لكنه كبير بمعانيه حيث يجمع لغة مشتركة تخاطب الآباء والأمهات من جانب وتنزل إلى فهم ومخاطبة الأطفال من جانب آخر. مجلة مرامي كان لها هذا الحوار الخاص مع الأستاذة نادين رنو التي تخرجت من الجامعة الامريكية ببيروت بتخصص اللغة والأدب الانكليزي ثم حصلت على دبلوم في مجال تدريس اللغة الانكليزية كلغة ثانية ثم حصلت على درجة الماجستير في استشارات التدريس والقضايا التربوية والنفسية واختيار التخصصات الدراسية، وقد عملت في هذا المجال قبل أن تبدأ رحلتها في كندا.

ما ذا تقصدين ب تسمية الكتاب هي تحبني أو لا تحبني؟

الكثير من الأطفال يدخلون في معاناة نفسية داخلية حول هل يحبهم والديهم أم لا؟ ربما الدوافع وراء سؤال الأطفال أنفسهم لهذا السؤال نابع من انشغال الوالدين عنهم أو أحدهما، أو تعرض الطفل لعقوبة ما بقصد تقويمه تجعل الطفل يسأل نفسه هل والديّ يحبونني أو لا؟ وهنا لابد أن نفهم أن عملية إشعار الطفل بأنه لو انشغل أحد والديه عنه أو كلاهما أو اذا تعرض لعقوبة ما من أحدهما أو كلاهما لا تعني أنهما لا يحبانه لأن الموضع الأول والمهم في حياة الطفل لفهم فلسفة الحب تبدأ من البيت وإذا فقد الطفل احساس الحب والشعور به فهو لن يبادل الآخرين هذا الشعور وفقاً للقاعدة التي تقول (فاقد الشيء لا يعطيه) ومن هنا اخترت تسمية كتابي بعبارة تحبني أو لا تحبني، اضافة إلى أني مررت بتجربة شخصية مع أولادي من خلال تساؤلاتهم، هل ماما تحبنا أو لا، فكانت تساؤلات أطفالي لي والإجابة عن هذه التساؤلات دافعاً لي لأكتب إجابتي لهم من خلال هذا الكتاب.

الكاتبة اللبنانية الكندية نادين رنو: الأطفال يكبرون بحب الآباء
هل ترين من الضروري أن يبين الوالدين حبهم لأطفالهما من خلال الكلام والأفعال؟

بلا شك إنه أمر مهم وضروري، فمن خلال دراساتي وقراءتي ومن خلال تجاربي الشخصية بتعامل والديّ معي، كنت أتصور أنهما لا يحباني ومع مرور الزمن اكتشفت أني مخطئة بتصوري هذا، لأن للأسف في السابق كان بعض الآباء يتصورون أن إظهار الحب للأطفال يقلل من احترام الأطفال لهم كما لا ننكر أن واقع الحروب المتعاقبة التي عاشتها بعض الشعوب العربية انعكست على تعامل الآباء مع أطفالهم، ولذا حرصت في هذا الكتاب على التأكيد على إظهار الحب للأطفال لفظاً وفعلاً، فالطفل علمياً ينضج بعمر العشرين فما فوق، وقبل هذه الفترة من حياته لا يستوعب الكثير من تصرفات والديه، ومخاطبة عقلية الطفل بالحب مهم جداً خاصة بالمراحل الأولى من عمره.

برأيك كيف يؤثر الاكتئاب والمرض النفسي لأحد الوالدين أو كلاهما على الأطفال؟

المرض النفسي لأحد الوالدين أو كلاهما يزلزل الأساس الذي يستند عليه الطفل في تكوينه النفسي والعاطفي، فالطفل يشعر بحزن والديه أو فرحهما، فإذا كان لدى أحد الوالدين أو كلاهما ألم ومرض نفسي فهذا ينعكس على الأساس النفسي السليم الذي ينشأ عليه الطفل ويجعل تكوينه العاطفي مرتبكاً وغير مستقر، وإذا لم يتم تداركه بشكل صحي وسليم فستكون عاقبة هذا الأمر أننا أمام طفل يعاني من ألم ومرض نفسي أيضاً.

الكاتبة اللبنانية الكندية نادين رنو: الأطفال يكبرون بحب الآباء
دراسة علم النفس التربوي كيف أثرت على ما كتبته في كتابك هذا؟

خلفيتي العلمية والعملية في مجال علم النفس هيأت لي أرضية خصبة لتفهم الكثير من القضايا التي تتعلق بالنفسية البشرية وتحديداً في مجال تربية الأطفال والتعامل معهم وأهمية الاعتراف بالمرض النفسي وتقبله في الواقع العربي بأنه مرض كسائر الأمراض الأخرى التي تصيب البشرية، وأنه ليس من المخجل الإفصاح عن هذا المرض للأشخاص المعنيين بعلاج هذه الأمراض النفسية والتعامل معها بجدية لكي لا تتفاقم الأمور بحيث تصل لا قدر الله إلى مرحلة لا يمكن تداركها، ولذا أجد من المخجل أن يتغاضى المجتمع عن الأمراض النفسية التي يعاني منها الأطفال في عالمنا اليوم ويشعرون بالحرج الشديد للتواصل مع الأخصائيين النفسيين لعلاجها ويجب أن نعترف أن الأمراض النفسية تتزايد بشكل كبير وأن الأطفال يشكلون نسبة كبيرة ممن لديهم هذه الأمراض، ومن هنا انعكست دراستي في مجال النفس التربوي على ما عرجت عليه في كتابي هذا لكي نقف وقفة جدية وحقيقية لتدارك الألم النفسي الذي يشعر به الأطفال.

في كتابك عبارة على لسان طفل (أنا سعيد لأن أمي سعيدة وأنا منكسر قلبي لأن أمي حزينة)، بتصورك هل الطفل لديه مقياس يستطيع به أن يربط سعادته أو حزنه بمقدار سعادة وحزن أمه أو كلا والديه؟

الأطفال لديهم استشعار لهذه الأمور لكن ليست بدرجة عميقة مثل الدرجة التي يحلل بها البالغين، لكن بلاشك الطفل يشعر بسعادة أو حزن أحد والديه أو كلاهما وينعكس على حالته بنسب تتفاوت مع طبيعة الطفل وشخصيته.

الكاتبة اللبنانية الكندية نادين رنو: الأطفال يكبرون بحب الآباء
هذا الكتاب والرسائل التي وردت به لمن توجهها الكاتبة نادين؟

هذا الكتاب موجه لكلا الطرفين، الوالدين من جهة ومن جهة أخرى إلى الأطفال، وهذا هو الجانب الصعب والحيوي في الكتاب، ففي العادة توجه الكتب والمؤلفات والقصص إما إلى الوالدين أو إلى الأطفال، لكني تفردت في كتابي هذا بتوجيهه إلى الوالدين والأطفال معاً وكان هذا الكتاب نتاج جهد لمدة سنة كاملة، ولعل القاريء أو المتفحص لهذا الكتاب يقول إن صفحاته ليست كثيرة لكي يستغرق سنة كاملة، لكن الحقيقة أن الصعب في الأمر كان إيجاد لغة وأرضية مشتركة يفهمها كلا الطرفان ويترجمونها إلى واقع ملموس يخدم كلا الطرفين معاً، بل أنا أرى أيضاً أن الكادر التعليمي يمكن أن يستفيد من هذا الكتاب في تفهم طبيعة نفسية الأطفال ويمكن تطبيق الاستراتيجيات والتكنيك الذي طرحته في هذا الكتاب في تعامل المدرسين والمدرسات مع الأطفال في المدارس.

أنا طرحت مفردات سهلة وبسيطة في كتابي هذا ممكن تصل إلى عقلية الطفل ويمكنه فهمها، ورغم أن هذا الكتاب باللغة الانكليزية لكن اتصور أيضا يمكن لمجتمعنا العربي أن يفهمه لأنه عن تجربة عربية مكتوبة باللغة الانكليزية، واذا ما تهيأت لي فرصة وجود داعم لترجمة هذا الكتاب إلى اللغة العربية، فانا بلا شك أسعى وأعمل جاهدة على ايصال مشروعي هذا لكي يستفيد منه المجتمع العربي.


التعليقات

فيديو العدد