الزراعة العضوية في الإمارات
العدد الخاص بمناسبة عيد الاتحاد 53 - 2024
قالت الفنانة فاتن حمامة في فيلم إمبراطورية ميم: "مش ناقص إلا لأني أجيب لكل واحد في البيت تلفون ويبقى عندنا سبع تلفونات وكل واحد يقعد يتكلم طول اليوم في التلفون".
ولكن اليوم بالفعل لدى كل فرد من أفراد الأسرة هاتف، وربما اثنان، حتى الأطفال اليوم لديهم هواتفهم الخاصة، ولكنها ليست تلك الأرضية التي كان الجميع يتسابق للفوز بشرف رفع السماعة وترديد كلمة "ألو" أولاً، حين كان رنينها يعلو في أرجاء المنزل، بل هي اليوم تلك الهواتف النقالة التي حاولت جاهدة إلغاء وجود الهواتف الأرضية، ولكن هل نجحت في هذا؟
"هند أحمد" قالت:
"لايزال للهاتف الأرضي أهميته، بالطبع ليس كالسابق، ولكنه مثلاً يوفر لنا مكالمات مجانية، وأنا أحب أن أثرثر مع صديقاتي بينما أنهي أعمالي المنزلية، كما أني أستخدمه للاتصال بالبقالة والمدرسة مثلاً، وأبقيه كذلك موجوداً في حال اضطررت للخروج وتركت أبنائي، فعندها لا تجدي الجوالات نفعاً، فذاك المغلق، وذاك الصامت، فأتصل للاطمئنان عليهم على الهاتف الأرضي الذي يعلو رنينه لينبه الجميع".
وخالفتها "خلود إبراهيم" الرأي، وقالت:
أتواصل مع صديقاتي وأخواتي اليوم عبر برامج المحادثة المجانية، فلا أحتاج للهاتف الأرضي، وبالنسبة لي أفتقد بعض الأمور الجميلة التي كانت مرتبطة بالهاتف الأرضي قديماً، فمثلاً أذكر أن أبي كان يطلب منا إيقاظه حين يرن الهاتف ويكون أحد أصدقائه على الخط، وأمي كانت تفرض علينا ضرورة الاستئذان منها قبل استخدامه، وكانت المكالمات الطويلة ممنوعة، فهي تشغلنا عن دروسنا من جهة وقد يتصل بنا شخص مهم فيجد الهاتف مشغولاً، وكانت مكالمات الليل مقلقة، فلا بد وأنها تحمل خبراً سيئاً، هي ذكريات جميلة لم تعد اليوم موجودة، فاليوم حين أقول لابني مثلاً اترك الجوال وانتبه لدروسك يدير شاشة الجوال ناحيتي ويقول: أنا بالفعل أراجع من ملزمة العلوم، فالجوال اليوم أصبح جزءاً من حياتنا، أما أبناؤنا فيجهلون طريقة استخدامه.
وهذا ما أكده "مهدي محمد خير" الذي أشار إلى أن أطفاله يبحثون عن الشاشة للمسها عندما يمسكون بالهاتف الأرضي، ولايعرفون كيفية استخدام الأزار، وأضاف:
"لازال للهاتف الأرضي أهميته وضرورته، في العيادات مثلاً والشركات والمدارس والمؤسسات وغيرها من الجهات الخدمية، حيث لا يمكن الاستغناء عنه، أما في البيوت فتراجعت أهميته كثيراً خاصة مع وجود أكثر من هاتف جوال في البيت الواحد، فالهاتف عندنا مثلاً لا يسمع له صوت، فهو يبدو كتحفة أو قطعة ديكور في الصالة، وإن حدث وارتفع رنينه، شعرنا بالدهشة، وكل واحد منا يتساءل عن صاحب الاتصال، وعن سبب عدم اتصاله على الجوال".
وشاركه "عاصم الكردي" الرأي، حيث قال:
"بالطبع لايزال للهاتف الأرضي أهميته في عملي، كوني صاحب محل يحتاج للتواصل من خلاله مع الموردين والزبائن وغيرهم، ولكن في البيت تراجعت أهميته بالطبع، وألاحظ اليوم انشغال الجميع بالفعل بهواتفهم المحمولة، وكم أشعر بالضيق حين يزورني صديق مثلاً ويمضي وقته على هاتفه، فأشعر بالحيرة وأتساءل: لماذا بادر بزيارتي إذن؟ ففي السابق كان للقاءات أهميتها التي تراجعت اليوم.
د. أحمد فلاح العموش، رئيس قسم علم الاجتماع في جامعة الشارقة، قال:
"الهواتف الجوالة اليوم خلقت فجوة كبيرة بين أفراد الأسرة الواحدة، فكل فرد منها أصبح يعيش في صومعته الخاصة متقوقعاً في عالمه الخاص، مشغولاً عن الجميع بهاتف الجوال، فكل فرد من الأسرة تجده اليوم منعزلاً في غرفته، وإن ألح الأب أو الأم على ضرورة جلوس الجميع في الصالة مثلاً، ستجد الجميع مشغولين بهواتفهم، ولحظات التواصل بينهم نادرة، بينما في السابق كان الهاتف الأرضي في الصالة، ويستخدم للضرورة فقط، مما كان يزيد من فرص التواصل الأسري وتبادل الأحاديث والأخبار والأفكار والمخططات، ولهذا نجد الكثير من الفيديوهات الطريفة اليوم تجسد الجدة مثلاً وهي تصادر من الجميع هواتفهم النقالة قبل الاجتماع الأسري الأسبوعي، فهذا واقع نعيشه اليوم، فقد نجد مجموعة من الأصدقاء اجتمعوا معاً ولكن كل منهم مشغول عن الآخر بهاتفه الجوال!
التعليقات