كيف تتفاعل مجموعة "يد أمي" القصصية مع الأطفال؟
العدد 160 - 2024
تعيش البشرية اليوم في عالم يجعل التحديات والامراض التي تواجهها ليست بالأمر اليسير مما يؤدي إلى زيادة نسبة التعرض للأمراض الخطيرة التي تصيب الكثير من الناس في عالمنا المعاصر ومنها خطر الإصابة بالسكتة الدماغية، هذا الأمر دفع بالطالبة مها غنوم التي تدرس تخصص العلاج بالطب الوظيفي (البديل) في الكلية الكندية للعلاج الطبيعي في مقاطعة أونتاريو في كندا إلى القيام بدراسة بحثية خلصت نتائجها إلى أن ركوب الخيل يساهم بشكل كبير في تقليل الآثار السلبية لما بعد الإصابة بهذا المرض سواء من الناحية البدنية أو الناحية النفسية. والتقتها مجلة مرامي للتعرف منها على التفاصيل..
تقول مها غنوم (كندية لبنانية) لمجلة مرامي: "عشت وكبرت في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى أن انتقلت إلى مرحلة الدارسة الجامعية في كندا، لكن طفولتي وشبابي كانا في مدينة أبوظبي، إلى أن انتقلت إلى كندا والتحقت بكلية ويسترن اونتاريو في تخصص العلوم الصحية ودرست فيها أربع سنوات، وبعد تخرجي التحقت أخيراً في الكلية الكندية للعلاج الطبيعي للحصول على تخصص الطب الطبيعي في هذا المجال".
وتوضح مها قائلة: "كان لحياتي التي عشتها في الإمارات الأثر الكبير في اختياري لهذه المادة البحثية لأني تعلمت ركوب الخيل والفروسية في الإمارات حين كنت في السابعة من عمري، بتشجيع من والدي الذي كان يشجعني على تعلم ركوب الخيل والرماية والسباحة، حيث تعلمت ركوب الخيل في أكاديمية بني ياس للفروسية، وكنت أنظر بتعجب للكثير من أصحاب الهمم ومرضى التوحد وخاصة الأطفال منهم يمارسون هواية ركوب الخيول، وأدركت بعدها مدى التأثير الإيجابي لهذا على المناعة النفسية والصحة الجسدية للإنسان سواء أكان مريضاً أو لم يكن".
وتؤكد مها أنها بدأت بالتحضير لهذه الدراسة عندما كانت في السنة الأخيرة في كلية ويسترن وبعد انتقالها إلى الكلية الكندية للعلاج الطبيعي قدمت هذا المقترح إلى البرفسور المشرف عليها ولاقت ترحيباً كبيراً منه على هذه الفكرة ودعماً للبدء بها وإن كان في البداية مستغرباً منها لكن بعد ذلك أدرك أهمية هذه الفكرة وما ستفرزه من نتائج إيجابية على المصابين بالسكتة الدماغية.
تقول مها لمرامي: "حرصت أثناء البحث أن أرصد المرضى الذين خضعوا لتجارب العلاج بركوب خيول حقيقة وآخرين تم استخدام المعدات التي تؤدي نفس حركات وتمارين ركوب الخيول لكي أدرس كيف تؤثر هذه التمارين علاجياً من الناحية النفسية والبدنية على هؤلاء المرضى، مع الأخذ بعين الاعتبار أن المرضى الذين خضعوا لهذه التجارب تم اتخاذ كل إجراءات السلامة والاحتياطات اللازمة للحفاظ على صحتهم أثناء الفترات والمراحل التي مروا بها أثناء القيام بهذه التمارين". وتشير غنوم إلى أن بلدان المرضى الذين أجريت عليهم هذه الدراسة البحثية كانوا من فرنسا، البرازيل، والعدد الأكبر كان من كوريا وأنهم كانوا من مختلف الفئات العمرية لما بعد الأربعينات من العمر فما فوق.
تقول مها: "هناك فترات مختلفة للخضوع لهذه التمارين بعضها كان خمس عشرة دقيقة لكل يوم ولمدة خمسة أيام في الأسبوع، وقد تستغرق أربعة أسابيع أو ستة عشر أسبوعاً، وهناك فترات أخرى يتم اعتمادها حسب حالة المريض، حيث يخضع فيها المرضى إلى العلاج الطبيعي، لكن أهم ما توصلت إليه هذه الأبحاث أن المرضى الذين خضعوا لتجارب ركوب الخيول استعادوا القدرة على تحقيق التوازن بشكل تدريجي لقدرات الجسم الجسدية والوظيفية واسترجاع الثقة بالنفس وإمكانية عودة الجسم إلى أداء وظائفه بشكل طبيعي كما كان عليه بالسابق قبل التعرض للسكتة الدماغية، مع الإشارة إلى أن النتائج هذه تم تحقيقها مع المرضى الذين مارسوا التمارين مع خيول حقيقية، حيث كانت أكثر تأثيراً من الذين استخدموا المعدات والمكائن التي تؤدي حركات شبيهة بحركات الخيول".
تقول مها: "أهم الصعوبات التي واجهتها خلال عملها البحثي، هو قلة المصادر البحثية واقتصارها على أماكن ومستشفيات معدودة إضافة إلى قدم الأبحاث المعتمدة حيث أن أقدمها تعود إلى ٢٠١٣ وأحدثها في ٢٠١٩، ولكنني أرجو أن تكون هناك دراسات حديثة في المستقبل القريب، وترى مها أهمية اعتماد خطط علاجية تتناسب مع حالة المرضى وليس من الضروري اعتماد منهج وبرتوكول موحد يتبع مع كل الحالات، فلكل حالة خصوصيتها ولا يمكن اعتماد منهج موحد".
وأشارت غنوم إلى أن هذه الدراسة كانت بمثابة بحث نوعي شمل ثمان مجموعات تراوح العدد الكلي لكل مجموعة ما بين 18_37 شخصاً وكان المجموع الكلي للأشخاص الذين شملهم البحث لعام 2023 "223" شخصاً.
عندما بادرت بسؤالها عن خططها المستقبلية بعد التخرج، وما إذا كانت ترى أنها يمكن ترجمة ما توصلت إليه من نتائج في هذا البحث في كندا أو في دول أخرى، أكدت أن دولة الإمارات هي المكان الأمثل لترجمة النتائج البحثية إلى واقع، ودليلها في ذلك أن العلاج الطبيعي يمكن الوصول إليه في الإمارات بسهولة كما أن الاسطبلات متوفرة بكثافة.
وأضافت موضحة: "أتيح لي أخيراً فرصة الاطلاع على إسطبل في دبي يقدم خدمة العلاج بركوب الخيل لذوي الهمم وخاصة من الأطفال، ومستقبلاً سأعتمد استراتيجيتين في العلاج، الأولى العلاج الطبيعي والثانية تمارين ركوب الخيل، مع مراعاة أن لكل مريض خصوصيته ولا يجب اعتماد برتوكول علاجي موحد لكل المرضى. وأحب أن أنوه أن هذه التمارين لا يمكن للمريض بالسكتة الدماغية أن يقوم بها مباشرة بعد تعرضه للمرض، ولكن بعد أن تستقر حالته كلياً يمكنه عند ذاك البدء بهذه التمارين وسط إجراءات احترازية كبيرة للحفاظ على سلامة المريض والاطمئنان أنه لن يتعرض لأي مخاطر أثناء تمارين ركوب الخيول".
تقول مها: "مستقبلاً إن شاء الله، عندما أبدأ بممارسة تخصصي، أعرف جلياً ماذا يمكن أن أقدم لمرضاي ومتى يمكنني أن أحولهم إلى الطبيب المختص أو إلى المعالج الطبيعي، وهذا هو جوهر الطب.
ترى مها أن الهواية تبقى هواية، ولكنها لا تنكر أن حبها وهوايتها لركوب الخيل والفروسية كانتا دافعاً قوياً لها لكي تترجم عملياً ما يمكن أن تحققه هذه الهواية من فوائد صحية ونفسية تعود على من يقوم بها. وتختم قائلة: "فحب الشخص لهواية ما يعطيه شغفاً أكبر للعمل بهذا المجال بكل حب".
التعليقات