أفلام الرسوم المتحركة.. هل تساهم في نشر العادات وغرس القيم الوطنية؟

أفلام الرسوم المتحركة.. هل تساهم في نشر العادات وغرس القيم الوطنية؟
أفلام الرسوم المتحركة.. هل تساهم في نشر العادات وغرس القيم الوطنية؟

مع تطور العصر الجديد وتقنياته التي لم تكن موجودة من قبل، أصبحت مسلسلات الرسوم المتحركة الإماراتية تُعد توجهاً فنـياً يُمكن أن يساعد في تحقيق العديد من الأهداف ذات الصلة بالمجال الثقافـي والاجتماعي والوطني والأمني، فقد شكلت قالباً فنياً ضمن قوالب الإنتاج المرئي والمسموع المؤثر الذي ذاع صيته عالمياً وعربياً ومحلياً.

ويبقى السؤال فـي هذا التحقيق الصحفي عن الدور الذي تلعبه الرسوم المتحركة الإماراتية (الأنيميشن) فـي تعزيز القيم الوطنية ونشر العادات والتقاليد والسنع الإماراتي من مختلف الجوانب الاجتماعية والإقتصادية والفنية والإعلامية والوطنية والأمنية.

فريج .. أداة ناجحة لتعزيز السنع

التقت مجلة مرامـي مع منتج مسلسل الرسوم المتحركة "فريج"، محمد حارب، والذي أكد بأن مسلسله الإماراتي كان يُحقق نَجاحاً على صعيد تعزيز القيم الوطنية والموروث التراثي من خلال الرسائل والانطباعات التي تصله بعد كل موسم وأن هذه الإشادات كان بمثابة تحدي ومسؤولية على عاتقه قبل مشاركة الجمهور ومشاهدة الموسم الجديد.

التحالف للمنتجين .. متى!!

وأضاف حارب بأنه قد حان الوقت لتحالف المنتجين تحت مظلة مؤسسات الدولة وهذا سيُعزز من استدامة مشاريع الرسوم المتحركة المحلية ووصولها للعالمية، فالإنتاج والمحاولات الفردية عائق لرسم واجهة جميلة لقيمنا الاجتماعية وموروثنا.

قيم مفقودة .. وفرصة الإحياء
أفلام الرسوم المتحركة.. هل تساهم في نشر العادات وغرس القيم الوطنية؟
محمد حارب

وفي إجابته حول القيم المفقودة والتي لم يتطرق لها منتجوا الرسوم المتحركة بأعمالهم، أجاب محمد سعيد: "بأن المنتجين تطرقوا للعديد من القيم في أعمالهم السابقة والمعاصرة، وأنا اجتهدت وزملائي في إيصال الموروث لقلوب المشاهدين وهناك منحنيات لم يتم التطرق لها فـي الشعر والنثر والعادات والأعراف والأماكن التي تم نسيانها من ذاكرة المواطن الإماراتي المعاصر، حيث تُعد الهُوية ذات ارتباط بالأرض واللغة والموروث الشعبي.
أتمنى أن يتم الالتفات إلى التراث وهو يتجدد ومسؤوليتنا وأوصي بإحياء تلك العناصر وعيننا على المستقبل.

اختلافنا جوهري
أفلام الرسوم المتحركة.. هل تساهم في نشر العادات وغرس القيم الوطنية؟
حيدر محمد

وفي ذات الصدد عبِّر حيدر محمد المُنتج للمسلسل الإماراتي الشهير "شعبية الكارتون" بأن عمله كوميدي يتناول القضايا الإجتماعية، وهذا هو الخط الرئيس للمسلسل مع الالتفات لعادات المجتمع وتقاليده بشكل غير مباشر. وأنَّ هناك اختلاف بينه وبين مسلسلات الرسوم المتحركة الإماراتية مثل مسلسل الفريج للمبدع الإماراتي محمد سعيد حارب ويظهر ذلك جلياً في مضمون الخط الرئيس فلكل مسلسل هُويته، ولكن في النهاية جميع الأعمال تتقاطع فـي خدمة الوطن والحفاظ على موروثه وتقاليده.

الشخصية والبعد النفسي

وأضاف بأن أشكال الشخصيات المرسومة قبل التحريك وتسميتها وأصواتها هي عناصر جذب وتُساهم في إيصال رسالتك وقيمك الوطنية وعاداتك بشكل محبب للنفوس وتحرك الوجدان وتدفع السلوك باتجاهها، ولكن من خلال التجربة يأتي الوقت التي يمل الجمهور من الشخصية، وأن الفكرة برأيي هي سيدة الموقف وبالتالي تجديد الفكرة هي على رأس متطلبات إنتاج أي عمل فني إماراتي متفرد.

حمدان وميره ..
أفلام الرسوم المتحركة.. هل تساهم في نشر العادات وغرس القيم الوطنية؟
احمد الغنيمي

كما أكد الأستاذ الإعلامي الإماراتي أحمد الغنيمي، منتج ومؤسس قناة حمدان وميره على منصة اليوتيوب أن القناة تعد أول قناة إماراتية متخصصة فـي تعليم الأطفال من خلال إنتاج الرسوم المتحركة والمواد المرئية الجاذبة.

الزي الوطني أولاً ..

وفي إشارة لاعتزاز الغنيمي بأبنائه وتمسكهم بالزي واللباس الوطني "المخوَّر" للبنت مهره، و "الحمدانية" للابن حمدان، حيث أكد بأنَّ هذا الأمر وبكل فخر يتم في تصوير جميع أعمالهم المتنوعة سواء المُوجَّهة للمواطنين والوافدين أو للمشاهدين من خارج الدولة.

احذر الفـخ

وأضاف في ختام حديثه عن مستوى مُخرجات إعلام الطفل والرسوم المتحركة العربية والعالمية وافتقار بعضها للجانب التربوي والقيمـي خصوصاً المُدبلجة منها باللغة العربية، مثل مشاهد الدعوة للعنف أو الألفاظ الإيحائية المنبوذة والصخب الموسيقي وتتابع اللقطات السريعة هي عناصر مشوشة لانتباه الأطفال وإدراكهم العقلي وصحتهم النفسية، إضافة إلى اللهجات العامية الدخيلة والأفكار الهشَّة بين مشاهد العمل الواحد، كل هذا فخ علينا الحذر منه.

حُلم شارقتنا .. حاضنة المنتجين

كما عبر عن حلم يُراوده في دعم المنتجين ورجال وسيدات الأعمال الإماراتيين المهتمين بمجال إنتاج الرسوم المتحركة، باعتباره محتوى متخصص ومرتفع التكـلفة، ولكن مردوده وأثره الإيجابي على ثقافتنا وهويتنا يفوق كافة الأعمال التي تستهدف شريحة الطفل. واضاف قائلاً: وأرشح أن تنطلق بذرة "حاضنة منتجي الرسوم المتحركة" من إمارة الشارقة ومؤسساتها الفنية والإعلامية بالقطاعين الحكومـي والخاص.

الإقتصاد الوطني .. والتشفير عائق
أفلام الرسوم المتحركة.. هل تساهم في نشر العادات وغرس القيم الوطنية؟

وفي إشارة ذات صلة بالموضوع أكد نايل الجوابره الخبير الإقتصادي أن إنتاج الرسوم المتحركة المحلية تُعد داعمة للإقتصاد الوطنـي وعامل مهم لتحقيق التنمية المستقبلية.

وأكمل حديثه قائلاً: "من خلال قراءتنا الاقتصادية لأعمال الرسوم المتحركة المحلية نلاحظ بأنها ذات صلة باستثمار القوى البشرية الوطنية وتخلق فرص لاستدامة شركات الإنتاج الوطنية.

كما أكد بأن مؤسسات التلفزيون المحلي بجميع قنواتها المرئية والمسموعة أمامها تحدِ كبير لجعل أعمال الرسوم المتحركة بدون أي تشفير أو رسوم مدفوعة من المشاهد المحلي والعربي.

كما أشاد الجوابره بالدعم اللامحدود من قيادتنا الرشيدة والوزارات والمؤسسات المعنية بالاقتصاد الإبداعي، وضرورة البدء بدراسة منهجية حول تحليل ضعف انتاج أعمال الرسوم المتحركة الإماراتية مقارنة بالأعمال الدرامية وبرامج المنوعات من منطلق محور البيئة الخارجية المرتبطة بمنافذ العرض والمستهدفين وغيره، إضافة إلى دراسة محور البيئة الداخلية وتشمل قدرات المنتجين وخبـراتهم التسويقية وجانب الإخراج الفنـي والرسم والتحريك وبناء سيناريو وحبكة القصة.

مميز .. يَفُوق عمر مُنتجه
أفلام الرسوم المتحركة.. هل تساهم في نشر العادات وغرس القيم الوطنية؟
محمد الحمادي

وأكد الإعلامـي الإماراتـي محمد الحمادي بأنها جزء مؤثر من أدوات صناعة المحتوى الإماراتي، ولذا وجود المنظومة الوطنية والقيم الإيجابية في هذه أعمال الرسوم المتحركة أمر في صُلب عقيدتنا الوطنية.وأضاف الحمادي ما يميِّز الرسوم المتحركة عالمياً وعربياً أنها ذات عمر أطول بكثير من عمر أعضاء فريق وشركة الإنتاج، ونحن ما زلنا نشاهد الإنتاج القديم المتداول منذ عشرات السنين عبر المنصات الرقمية وشاشات التلفزة وبذات المتعة.

الرسوم المتحركة وعلم الاجتماع
أفلام الرسوم المتحركة.. هل تساهم في نشر العادات وغرس القيم الوطنية؟
د.صالح بالحاج المراشدة

ومن جانبه أكد الرائد د.صالح بالحاج المراشدة من خلال اختصاصه بعلم الاجتماع أن الرسوم المتحركة تعد أدوات قوية للتأثير على التنشئة الاجتماعية للأطفال والشباب. عندما تتضمن هذه الأعمال محتوى يعكس القيم الوطنية، مثل احترام الهوية الثقافية، تعزيز الوحدة الوطنية، أو الاحتفاء بالرموز الوطنية، فإنها تسهم في بناء حس الانتماء لدى الأجيال الناشئة. الرسوم المتحركة التي تتناول قصصًا من التراث والسنع هي وبإمتياز تُسهم في ترسيخ القيم المشتركة بين أفراد المجتمع، وتُعمِّق الفخر بالوطن.

الغرس الـثـقـافـي .. لا للدبلجة الفارغة
أفلام الرسوم المتحركة.. هل تساهم في نشر العادات وغرس القيم الوطنية؟
مسلسل "فريج"

تنطلق نظرية الغرس الثقافي (Cultivation Theory)، التي طورها الباحث جورج جيربنر.من فرضية أن وسائل الإعلام، خاصة المحتوى البصري مثل الرسوم المتحركة، لها دور مركزي في تشكيل مفاهيم الأفراد وسلوكياتهم على المدى الطويل. ترى النظرية أن التعرض المتكرر لمحتوى إعلامـي معين يؤدي إلى غرس قيم واتجاهات وأفكار تتوافق مع هذا المحتوى في وعي الأفراد، خاصة الأطفال، الذين يعتبرون الجمهور الأكثر تأثرًا.
ومن هنا فإننا نوصي بعدم الدبلجة لكل المسلسلات العربية وغير العربية إلا بعد فلترة ووفق معايير شديدة الإلتزام والمسؤولية وحال خلو البديل المحلي، حيث تحمل الدبلجة غير المشروطة مخاطر تتعلق بغزو لقيم ومفاهيم تتعارض مع هويتنا الثقافية الوطنية.

التعليقات

فيديو العدد