الطفل العنيد .. المشكلة والحل
العدد 162 - 2025
تعتبر مشكلة عناد الأطفال من الظواهر الشائعه التي تواجهها العديد من الأسر، وتتفاوت حدتها من طفل لآخر، فقد يظهر العناد كجزء طبيعي من مراحل نمو الطفل، ولكن من الممكن أن يصل لحد المشكلة السلوكية عند طفل آخر، وفي الحالتين فإن فهم أسبابه يمكن أن يساعد الآباء في التعامل معه بشكل أكثر فاعلية.
وتروي هيام رحلتها الطريفة مع خصلة العناد عند ابنتها البكر في سن الطفوله الأولى وتوضح تجربتها لمرامي قائلة: "ابنتي كانت الحفيدة الأولى لدى عائلة زوجي وعائلتي أيضاً بالتالي وببساطة كانت محور اهتمام الجميع، وكانت تطلب فتطاع، وعندما تنزل دمعة من عينيها تقوم الدنيا ولا تقعد أبداً، فترتب على ذلك شعور الطفلة بأنها يجب أن تظل على مدار اليوم محط اهتمام الجميع، كل ذلك لم يكن في البداية يسبب لأي مشكلة، حتى زرقني الله بأخ لها بعد ثلاث سنوات، وهنا بدأت المشكلة، فمن الطبيعي أن يتحول اهتمامي جزئياً أنا ووالدها وأفراد العائلتين نحو أخاها الرضيع، وكانت ردة فعلها متمثلة بنوبات غضب متتالية، ومحاولاتها المتكررة لإيذاء أخيها لدرجة أنني استعنت بمدبرة منزل كي تبقى عيناي مفتوحتان طوال الوقت على الصغيرين، كما طلبنا مساعدة حماتي الحنون التي حرصت على مد يد المساعدة حتى لي ولزوجي بحكمتها وحنانها وخبرة السنين حتى عبرنا بحمد الله من تلك المعضلة، وكانت طفلتي تستعد لدخول الحضانه بعد أن بلغت الخامسة، وتواصل هيام حديثها بلهجة ضاحكة لمرامي: "أذكر من المواقف الطريفة التي مررت بها ولع طفلتي بأدوات الزينة فكان لديها دوماً لعبة مكياج البنات إلا أنه يمكن استعمالها من قبل الكبار، كنا وقتها في غداء عائلي خارج المنزل بإحدى المنتزهات وافاجأ بطفلتي تخرج أدوات المكياج وتشرع بصبغ وجهها كالمهرج، الأمر الذي جعلني أفقد أعصابي في البداية، إلا أن ابتسامه متروية ارتسمت على شفتي حماتي جعلتني اصمت، اقتربت الجدة من حفيدتها بعد أن انتهت الأخيرة من حفل الألوان وأخرجت مرآة من حقيبتها ووضعتها أمام ابنتي قائلة بلطف: هل ترين النتيجة يا حبيبة قلبي؟ وكون طفلتي برغم عنادها تمتاز بحرصها على أناقة لباسها ووجهها أمام الناس بغريزتها التي خلقها الله في حواء فما إن رأت نفسها في المرآة صدمت من منظرها وما فعلته غاليتي العنيدة بوجهها وأسرعت تطلب من جدتها بأن تساعدها على غسل وجهها فوراً.
ولا يتفق أحمد عزام مع من يقول أن صفة العناد تتركز لدى الأطفال الذكور أكثر من الإناث فالأساس هو طريقة التعامل مع الطفل من قبل الوالدين ويحكي تجربة إحدى أقربائه لمرامي قائلاً:"نشأ أحد أقاربي في بيت يفتقد فيه الأب مهارات التواصل الصحيحة مع أبنائه، ومن وجهة نظره أن الفتاة لم تخلق إلا لتكون ملكة دون منازع في حين أن العصا هي وسيلة التفاهم مع الأولاد ليصبحوا رجالاً بمعنى الكلمة فالقسوة من وجهة نظره من تخلق الرجولة وهنا كانت المعضلة، فالفتاة طلباتها مستجابة دون نقاش والأخطاء مبررة ومغفورة أما الأخوان الذكور وكان من بينهم قريبي فلا وسيلة للتفاهم معهم سوى الصراخ أو العقاب على أتفه الأسباب مما أدى لنتائج عكسية برزت في مرحلة المراهقة والتي بلغت خصلة العناد والقسوه فيها حدها الأقصى إلا أن الله سبحانه وتعالى هيأ لقريبي هذا صحبة صالحة من المسجد احتضنته في الوقت المناسب ورممت ما تمزق داخله بسبب قسوة الأب، وما عاناه من قسوة في طفولته تجنبه تماماً مع أطفاله الذين يعيشون معه وأمهم ضمن بيئة نفسية سوية.
ويوضح الدكتور أيمن السمان الحائز على ماجستير في الإرشاد النفسي وحماية الأسره أن علاج سلوك الطفل العنيد يتلخص أهمه في الابتعاد عن الأوامر بشكل مباشر، حيث يجب العثور على أسلوب للمناقشة والحوار مع الطفل بدون إصدار للأوامر، وإعطاء الطفل حرية التعبير عن مشاعره، إضافه إلى تشجيعه ومدحه بشكل دائم.
ويفصل الدكتور أيمن لمرامي تلك النقطه بقوله:" العناد هو عدم طاعة أوامر الأهل وتنفيذ مطالبهم ويصبح سلوكاً ثابتاً أو ظاهرة سلوكيه حين يصمم الطفل على رأيه ويرفض أي أمر يوجه إليه، لكن الطفل العنيد يمتلك صفه ذات وجهين، أحدهما سلبي والآخر إيجابي فإذا تم التعامل معه بحكمة سيصبح شخصية ناجحة عند كبره، كما إنه قد يقع في الإخفاق وفي مشاكل كثيرة في حال تمت معاملته بطريقة خاطئة.
التعليقات