تأخر النطق عند الأطفال

تأخر النطق عند الأطفال
تأخر النطق عند الأطفال

ينتظر كل أب وأم سماع كلمات أطفالهم بشغف، فمهارة النطق هي إحدى أهم المهارات التي يكتسبها الطفل في سنواته الأولى ليعبر عن مشاعره ورغباته. ولكن قد يتأخر النطق لدى بعض الأطفال مما يجعلهم يشعرون بالقلق.

وتأخر النطق عند الأطفال هو تأخر استخدام الميكانيكيات التي ينتج عنها النطق، حيث ينخفض مستوى وضوح مفردات الكلام عن الحد الطبيعي الملائم للمرحلة العمرية للطفل، ويعد تأخر النطق مشكلة شائعة تؤثر في نسبة عشرة بالمئة من الأطفال، وتكون بين الأطفال الذكور أكثر منها عند الإناث.

التدخل المبكر

"وعد" أم لطفلة في الصف الرابع وطفل في الصف الثاني الابتدائي، خاضت رحلة صعبة في علاج طفلها بسبب تأخر نطقه، تروي لمرامي قصتها قائلة: "بدأت بوادر المشكلة من عمر السنة والنصف عندما لمست من طفلي الثاني قلة تفاعل مع المؤثرات الخارجية لديه كغيره من الأطفال، أعقبها عدم استجابة للأصوات، فلا يستجيب لصوتي إلا من مسافة قريبة، فقمنا فوراً بعرضه على متخصص أنف وأذن وحنجرة وأخبرنا أن طفلي يعاني من ناميات وتضخم شديد في اللوزتين إضافة لتراكم مياه في أذنيه، وكان لا بد من عملية تزال فيها اللوزتان والناميات، إضافة لضرورة وضع أنابيب في الأذنين لمدة ستة أشهر، ولله الحمد مع الوقت بدأ طفلي بالتحسن بشكل بطيء، ولكنني أحمد الله على تحسنه بعد معاناه دامت قرابة الثلاث سنوات".

الجانب النفسي

وتتفق المتخصصة النفسية لجين عامر مع وعد على ضرورة ملاحقة معضلة تأخر النطق عند الأطفال عند اكتشافها وتركز انطلاقاً من طبيعة اختصاصها على أن المشاكل الأسرية بين الأبوين لها بالغ الأثر في ترسيخ تلك المشكلة عند طفلهما وإبطاء عملية التحسن مع توفير كافة الإمكانات لعلاجه. موضحة لمرامي بقولها: "ما فائدة توفير الطرق العلاجية للطفل من ناحية الجلسات الدورية مع متخصص النطق والطبيب المعالج إذا لم تتوفر البيئة النفسية الآمنة للطفل صاحب المشكلة، فالخوف وعدم الإحساس بالأمان من أكبر العوامل النفسية التي تؤخر أي مساعٍ لعلاج مشكلة النطق عند الأطفال".

وترجو لجين كل أب وأم يعانيان فيما بينهما من مشكلات مهما كان حجمها بأن يحرصا قدر الإمكان على تجنيب الطفل أي شعور بالتوتر الذي يعيشه الطرفان.

علامات تأخر النطق

وتوضح ريمة بكري، متخصصة علاج مشاكل النطق عند الأطفال لمرامي جوهر المشكلة موضحة: "يعتبر الطفل متأخراً لغوياً إذا لم يصل إلى معايير التطور اللغوي المتوقعة مثل عدم نطق كلمة ذات معنى بعمر خمسة عشر شهراً، أو عدم نطق كلمتين متتاليتين أو تكوين نحو خمسين كلمة في عمر السنتين، أو عدم تكوين جملة بسيطة بعمر سنتين ونصف، أو عدم فهم الأوامر البسيطة، إضافة لكلامه غير المفهوم بعمر ثلاث سنوات. ومن أهم الأسباب العضوية لتأخر النطق عضوياً لدى الطفل مشاكل في السمع أو اضطراب الوظائف العصبية في الدماغ كالتوحد والإعاقات الذهنية، ومن الأسباب العضوية وجود تشوهات في بنية الفم مثل اللجام القصير وشفة الأرنب، والتهاب الأذن المزمن، أو وجود اضطرابات عضلية عصبية تؤثر في حركة اللسان والفك وتؤدي كلها لصعوبة تنسيق عضلات النطق وتكوين الأصوات". وتشدد ريمة على ضرورة لجوء الأم لمتخصص نطق في حال لاحظت علامة أو أكثر على طفلها أخرت عملية نطقه.

التعاون بين الطبيب والأسرة

ويركز الدكتور زياد محمد، متخصص الأذن والأنف والحنجرة على ضرورة عدم إهمال مشكلة النطق المتأخر عند الطفل، خاصة في حال كان الطفل وحيداً لوالديه أو كان ترتيبه الأخير بين إخوته.

ويقول: "حالات الوراثة بالنسبة لمشكلة تأخر النطق لدى الأطفال موجودة لكنها من النوادر جداً، ولعلاج المشكلة شقان: طبي يقع عاتقه علينا كأطباء، والثاني هو مسؤولية الأبوين في البيت، وهو الأهم والمكمل للعلاج الطبي لحالة الطفل، ويتجسد في ضرورة تفاعل الأبوين مع طفلهما وضرورة استيعاب مدى حاجته في تلك المرحلة لهما، وسعة الصدر والتحلي بالصبر. ووعي الأبوين مسألة غاية في الأهمية إن لم تتواجد فالعلاج السريري لن يحل كامل المشكلة".

ويؤكد الدكتور زياد ضرورة إدخال الطفل وحيد والديه للروضة وتوفير بيئة اجتماعية يحتك فيها مع غيره من الأطفال في حال لم يكن يعاني من أي معضلة عضوية تمنعه من الكلام سوى عدم توفر من يتفاعل معه في البيت من نفس العمر.

في الختام تؤكد متخصصة التغذية ثواب الغبرا ضرورة العناية بغذاء الطفل خاصة في السنوات الثلاث الأولى وبشكل خاص ضرورة الحرص على توفر الأغذية الغينة بأوميغا3 التي تساهم بشكل كبير في تحسين سيولة الأغشية العصبية مما يؤثر إيجاباً على اتصال الخلايا العصبية ونقل الإشارات بينها. وتشير الغبرا إلى أنه وجد أنها تنظم عملة إطلاق الناقلات العصبية والتقاطها، وتحسن من أداء المستقبلات العصبية في الجهاز العصبي المركزي، لهذا السبب يرتبط توفر كمية كافية من أوميغا3 في الغذاء بتطور أفضل للدماغ والمهارات المعرفية واللغوية عند الأطفال، بينما قد يؤدي نقصها إلى مشكلات في الذاكرة والتعلم، وربما تأخر في التطور اللغوي والبصري.


التعليقات