نادية النجار تلمس الضوء في القائمة القصيرة لجائزة البوكر
العدد 161 - 2025
مشوار متميز وخطوات تستحق أن نلقي عليها الضوء في حوار مميز مع الدكتور محمد عمر، الكندي المصري الذي استطاع أن يضع بصمة جديدة من بصمات النجاح التي يحققها الكثير من الكنديين العرب المهاجرين إلى كندا. تبدأ قصة نجاح الدكتور محمد الذي تخرج في كلية الطب بجامعة الإسكندرية عام 1987 ليقوم بعدها بمزاولة مهنة الطب في مستشفى الإسكندرية ليحصل بعدها على شهادة الماجستير وينتقل للعمل في مستشفى مغربي للعيون في المملكة العربية السعودية، ويتدرج إلى أن يصبح مديراً بها قبل أن يبدأ مشواراً آخر للنجاح في كندا تخلله الحصول على شهادة الدكتوراه في مجال العلاج بالطب الطبيعي في مدينة تورنتو ثم لينجح بعد ذلك في تحقيق حلمه في أن يكون له مركز بلسم للعلاج الطبي الطبيعي في مدينة لندن أونتاريو في كندا.
بدأت رحلتي في عام 2011عندما تم قبول أولادي في الجامعات الكندية وبقيت أنا ما بين جدة في المملكة العربية السعودية وما بين كندا حتى اخترت الاستقرار التام في كندا في عام 2014 بعد أن حصلت على منحة دراسية من المجلس الكندي الطبي والعمل على معادلة الشهادة الطبية وعملت على تسجيل الدكتوراه في مجال الطب البديل، ولم تكن رحلة معادلة الشهادة والحصول على الدكتوراه بالأمر الهين، فقد عملت لمدة ثلاث سنوات من 2014 إلى 2017 لأجل الوصول إلى تحقيق الهدف الذي استغرق وقتاً وجهداً كبيراً، وكان لابد من التفرغ الكامل للدراسة، وأذكر أني في فترة المعادلة كنت أدرس من الساعة الثامنة صباحاً إلى الثامنة مساءً ومتفرغ كلياً للدراسة، وهذا ما أنصح به أي طبيب عربي يصل إلى كندا ويطمح لمعادلة شهادته فلا بد من التفرغ التام، أيضاً من الصعوبات التي واجهتها أثناء المعادلة أننا في أغلب الجامعات العربية في مجال الطب، تكون دراستنا وفق المنهج الإنكليزي لكن في كندا يعتمدون المنهج الأمريكي فلا بد من تغيير أسلوب الدراسة تبعاً للمنهج الذي تدرسه وفي المنهجين لا يوجد اختلاف في المعلومات لكن هو في أسلوب الفهم والإجابة.
خبرة عملي في مستشفى المغربي للعيون في جدة بالمملكة العربية السعودية التي عملت بها وكنت مسؤولاً عن الجودة الطبية أسهمت في ذلك الوقت في أن تحصل المستشفى على المقياس الدولي للهيئات العالمية في الجودة الطبية، وبعد ذلك توليت إدارة المستشفى مما أتاح لي فرصة التعرف على خيارات إدارة المستشفيات والمراكز الطبية، وعندما انتهيت من الحصول على إجازة مزاولة المهنة في كندا، كان أمامي أحد خيارين، إما أن أعمل مع جهة أخرى وهذا ما حصل بين عامي 2017 و 018 أو أن يكون لديّ مركزي أو عيادتي المستقلة، وهذا ما كنت أحلم به وأجهز له، وبالفعل تمكنت في نهاية عام 2018 من افتتاح مركز بلسم في مدينة لندن اونتاريو في كندا وركزت على أن أقوم باستثمار كل مهاراتي وخبراتي العلمية والعملية التي اكتسبتها من أول يوم في ممارستي لمهنة الطب من 1988 وحتى الآن وأضعها بين يدي كل الحالات التي تحتاج للمساعدة وتبحث عن العلاج، وهذا ما فتح لنا آفاقاً جديدة في أن نقدم كل تلك الخبرات وننقلها في عمليات تدريب أطباء آخرين خاصة من أطباء الشرق الاوسط وآسيا وإفريقيا الذين قدموا إلى كندا.
ما هي أهم الطرق المستخدمة في مركز بلسم للعلاج؟
في مركزنا نعتمد التشخيص والعلاج الطبي التقليدي من فحوصات الأشعة والتحاليل والعلاجات، بعد ذلك من خلال العقاقير المرخصة دولياً والجراحات والعلاج الطبيعي ثم نضيف عليها طرقاً أخرى كالعلاج بالإبر الصينية والحجامة وطب التغذية والعلاج بالفيتامينات والمكملات الغذائية والعلاج الطبي الرياضي من خلال التمارين وتقوية العضلات واستخدام أدوات الليزر والموجات الصوتية، ولا غنى أيضاً عن العلاج بالاستخدام الهرموني في المشاكل الصحية، ونحن نركز في علاجاتنا على الجانب البدني والنفسي أي العلاج الشمولي لكل الجسم.
كون كندا بلداً متعدد الأطياف والأصول وفيه أكثر من 100 لغة، لذا فإن تعاملنا يكون مع مختلف الكنديين من أصول ودول مختلفة كأفريقيا وآسيا وأوروبا ومن شتى بقاع العالم ومن ومختلف أنحاء دول الوطن العربي، والأمر لم يقتصر على ذلك، بل إن انتشار فيروس كورونا واضطرار العالم إلى التعامل بشكل أكثر مع الإنترنت والمقابلات عن بعد أتاح لنا أن نوسع نطاق عملنا بشكل أكبر وانفتح العالم تدريجياً على ما يسمى بالعيادات الطبية عن بعد، لذا فإننا تعاملنا مع مرضى من بلدان مختلفة ومن داخل تلك البلدان، مثلاً من داخل فلسطين ومن داخل سوريا وهي تعتبر مناطق مشتعلة ولا أحد يستطيع الدخول إليها فإننا والحمد لله نجحنا في التعامل مع مرضى من داخل هذه المناطق من خلال توجيه المرضى عبر الإنترنت، أيضاً عندنا مرضى من دول الخليج ومن بنغلاديش ونحن بصدد فتح فرع جديد لنا في دكا في بنغلاديش وعندنا مرضى في غانا إضافة إلى مرضى من أمريكا وكندا.
نتعامل مع المرضى بالاعتماد على طرق التدريب السليمة ونعلمهم كيف يعيش المريض حياة صحية سليمة وما هي الأمور التي يجب أن يبتعد عنها كأسلوب حياة وما هو النظام الغذائي والنمط الصحي الذي يجب أن يعتمد عليه. أيضاً نشرح للمريض من خلال مقابلات الإنترنت أو الفيديوهات التي نرسلها له بعض التمارين التي يجب أن يتبعها في علاج حالته إضافة إلى بعض العلاجات التي يمكن أن يطبقها على نفسه، وهناك تمارين نستخدمها بالتواصل السمعي مع الشخص المريض التي تتيح له الحصول على أفضل النتائج العلاجية وكيفية تحديد السبب الجذري للمرض واستبداله بنمط صحي يجنب الشخص أي مضاعفات أو متاعب يعاني منها. ويمكننا بهذا الأسلوب العلاجي الشمولي السيطرة على الكثير من الأمراض المزمنة أو المستعصية أو حتى الأمراض النفسية.
وأنا حقيقةً لا يعجبني أن أطلق لفظ مريض لأنه شخص طبيعي ولكن يحتاج اتباع نمط حياة صحي مناسب يمكنه أن يتجنب من خلاله الكثير من المشاكل والمتاعب الصحية التي يعانيها.
كندا تحتاج إلى الكثير من الخبرات والأشخاص المدربين على مهارات متعددة، ونحن في وطننا العربي لدينا الكثير من الأفراد الذين يملكون الخبرات العلمية والعملية وعندما نلقي نظرة على أهم الأطباء المشهورين في كندا نجد أن الأغلبية منهم من أصول عربية، وهذا يعطينا مؤشراً أننا نمتلك الأساس التعليمي الطبي المميز، ولدينا كوادر طبية مجتهدة حققت وجودها في كل دول العالم، وما ينقصنا هو فقط تعلم النظام أو المنهج الذي تتبعه كندا أو غيرها من دول العالم المتقدمة وطريقة تعلم كيف يدار النظام الطبي في كندا وكيف يمكن للعربي المهاجر الذي يملك الخبرات الطبية أن يوظف ما تعلمه ودرسه في بلادنا العربية بحيث يتوافق مع النظام الصحي المتبع في كندا، ولا يمكن تحقيق هذا النظام إلا من خلال دراسة طبيعة النظام المعمول به في كندا والتدرب عليه، لكي يستطيع الوصول إلى هدفه وممارسة مهنة الطب في كندا.
التعليقات