الفن المفقود

الفن المفقود
الفن المفقود

هل يمكنك أن تتحدثي إلى زوجك ساعة وهو منصت متتبع لكل أفكارك وملاحظاتك؟ هل تستطيعين أن تتناولي معه بعض مشكلات حياتك، وتناقشي أسبابها وتقدمي لها الحلول؟

أما صديقتي "نوال" فقد مطت شفتيها، وهزت رأسها، وقالت: ساعة؟ ساعة لا يمكن! أفرح لو أنصت لي عشر دقائق أو خمساً! أنا متأكدة لو قلت له إن زواجنا في طريقه إلى الانهيار، لما رفع رأسه من جواله أو الكمبيوتر ، أو حول عينيه عن التلفزيون الذي يتتبع برامجه بلهفة!

وقالت صديقتي شمسة:

أنا حريصة دائماً على أن أخبر زوجي بكل ما حدث أثناء اليوم، فإذا تشاجر ابني مع أبناء الجيران أو حصل على درجات ضعيفة في درس معين، شعرت بأني لا أستطيع أن أكون حكماً عادلاً، لذلك فأنا أحب أن أسمع رأي زوجي، ولكني ما أكاد أن أبدأ الحديث حتى يندفع قائلاً: لا تحدثيني عن مثل هذه الأشياء.

والواقع أن وضع هاتين الصديقتين ليس شيئاً جديداً في حياتنا الزوجية، فهي في الغالب مصابة بالفشل في هذه الناحية. فالزوجة لا تستطيع أن تتحدث إلى زوجها، والزوج لا يحسن الاستماع إلى زوجته وقد يكون هذا مقبولاً لو أنه حدث بين الحين والحين وفي بعض المسائل الصغيرة التي لا تمس أصول الحياة.

فالرجل والمرأة يختلفان في بعض الاتجاهات والميول، الرجل مثلاً يهوى العمل والرياضة، والمرأة تستهويها المسائل الشخصية وشؤون الأسرة، ولكن إذا تجاوز الأمر هذا الحد وتعداه إلى الصمت إزاء المشاكل، وعدم القدرة على مناقشتها، فإن الخطر سوف يهدد تلك الحياة، ويصيبها في الصميم. فمن المعروف أن الحديث عن المشاكل يخفف من حدتها، ويزيل التوتر الذي يلازمها. والحديث عن المشاكل أيضاً يكشف في كثير من الأحيان عن حقيقتها، فيظهرها بسيطة بعد أن كانت معقدة لا علاج لها.

ولكن إذا رفض الزوج أن يستمع إلى زوجته، فإلى من تستطيع أن تتحدث؟

إنها تعرف أنه من الخطأ أن تتحدث بمشاكلها الشخصية إلى صديقة أو زميلة.
صحيح أنها قد تتورط في شيء من ذلك في ساعة غضب أو ثورة، ولكن القاعدة مع ذلك تبقى صحيحة. فالزوجة تطوي نفسها على أسرارها، ولا بد أن يأتي اليوم الذي تدرك فيه أن حالتها ليست أسوء الحالات.

ولعلك الآن تتساءلين: وكيف أستطيع أن أجعل زوجي رجلاً يحسن الاستماع، ويجيد المناقشة؟ والمسألة بسيطة. نعم بسيطة إذا أردت فهناك عدة خطوات ستساعدك كثيراً وهي على النحو التالي:

  • حاولي أن تبدئي حياتك الزوجية بداية صحيحة.. لا تدعي المشاكل تتراكم وتتعقد، واجيهيها بشجاعة أولاً بأول، فمواجهة مشكلة واحدة أسهل كثيراً من مواجهة مشكلتين.
  • كوني على يقين من أنك تتحدثين في الوقت المناسب، فتوقيت المناقشة مسألة بالغة الأهمية. لا يصح مثلاً أن يكون زوجك متعباً ثم تتحدثي إليه بما يزيده إرهاقاً. أعطيه فرصة يستجم فيها من عناء يومه، ثم تحدثي إليه بما تشائين.
  • لا تكوني مملة: إن معظم النساء يتحدثن كثيراً. صحيح أن المرأة تجيد الاستماع عن الرجل، ولكنها لا تفوقه في الحديث. إنها لا تعرف كيف تحذف الزائد من الحديث. احذفي كل ما لا يفيد ثم اعرضي موضوعك في إيجاز وتركيز.
  • إذا لم تستطيعي أن تتحدثي بمشكلتك إلى زوجك، فاكتبيها في ورقة، أو رسالة نصية من خلال الواتساب، إن ذلك يساعدك أحياناً على وضوح المشكلة، فإذا شعرت أنها مشكلة خطيرة، فلا بأس من تدخل بعض العقلاء من الأهل والأصدقاء.
  • لا تتوقعي الكمال في زوجك: أعرف سيدة كان زوجها يشقيها كل الشقاء لكنها تحدث جارتها أن زواجها هو أنجح الزيجات، وأن زوجها هو أعظم الأزواج في الدنيا، كانت تشعر بالشقاء لأنها لا تستطيع أن تقول أن زوجها كذلك، لم يكن زواجاً كاملاً، كما أن زوجها كان يتورط في بعض الأخطاء ولكنها أخيراً اهتدت إلى السبب الذي دفع جارتها إلى أن تصف زواجها وزوجها بتلك الصفات. عرفت أن تلك الجارة كانت تركز على إيجابيات زوجها، وتغض النظر عن سيئاته.

إن الكمال لا يهبط علينا من السماء، إنه هدف نسعى إليه من خلال قراءة كتب في التنمية البشرية والمشاركة في دورات وورش عمل في فن التعامل مع الزوج، وأساليب السعادة الزوجية.

التعليقات

فيديو العدد