التعريف
التهاب البلعوم (أو ما يطلق عليه باسم ألم الحلق) يقصد به التهاب الأغشية المخاطية المبطنة للقسم الخلفي من الحلق. يؤدي هذا الالتهاب إلى ظهور أعراض مختلفة كالشعور بألم وجفاف وتخريش وحرقة في الحلق مع صعوبة في البلع والكلام.
معلومات وإحصاءات
- (50-80%) من حالات التهاب البلعوم سببها نوع من أنواع الفيروسات المختلفة.
- يصيب التهاب البلعوم فئات الأعمار جميعها ومن الجنسين بالنسبة نفسها، لكن ذروة انتشاره نشاهدها لدى الأطفال بين عمري (5-10) سنوات.
- التهاب البلعوم بجراثيم (ستربتوكوكساي) من الزمرة (A) هو الأكثر مشاهدة لدى الأطفال بين (4-7) سنوات.
- في أميركا، يعد التهاب البلعوم مسؤولا عن أكثر من (40) مليون زيارة سنوية لعيادات الأطباء.
- عالميا، ترتفع معدلات التهاب البلعوم في الدول التي تستخدم فيها المضادات الحيوية بإفراط ودون متابعة طبية رصينة. قد يكون التهاب البلعوم التظاهرة الأولى لعديد من الأمراض الأخرى.
- غالبا ما يكون التهاب البلعوم الجرثومي أكثر شدة من التهاب البلعوم الناجم عن الفيروسات.
تشريح البلعوم
يشكل البلعوم (أو الحلق) القسم الخلفي لكل من الفم والأنف، يبلغ طوله تقريبا (10 سنتيمتر)، يعمل كطريق مشترك يسمح بمرور الهواء إلى الحنجرة والرغامى والطعام والشراب إلى المريء ثم المعدة.
يتألف البلعوم من ثلاثة أقسام:
- البلعوم الأنفي (Nasal Pharynx): يقع في القسم الخلفي من الأنف.
- البلعوم الفموي (Oral Pharynx): يقع في القسم الخلفي من جوف الفم.
- البلعوم الحنجري (Laryngeal Pharynx): يقع خلف فتحة الحنجرة.
وظيفة البلعوم
- يسهل وصول الطعام والشراب إلى الجهاز الهضمي من خلال عملية البلع.
- يسهل مرور الهواء إلى الرئتين.
- يقوم بتدفئة الهواء الداخل وترطيبه قبل وصوله للرئتين.
أنواع التهاب البلعوم
هناك نوعان من التهاب البلعوم:
- التهاب البلعوم الحاد: يدوم من (3-10) أيام، ويشكل النسبة الأكبر من التهابات البلعوم.
- التهاب البلعوم المزمن: يدوم فوق (10) أيام، ربما لعدة أسابيع، أو هو الذي تتكرر عودته.
أسباب التهاب البلعوم
هناك أسباب كثيرة يمكن أن تسبب التهاب البلعوم:
1. الأسباب الإنتانية: ونقسمها إلى الفيروسية والجرثومية:
أولا: الفيروسات:
تعد مسؤولة تقريبا عن ثلثي حالات التهاب البلعوم. من أهم الفيروسات:
- فيروسات الرشح العادي أو العام (The Common Cold).
- الإنفلونزا.
- الحصبة (Measles).
- جدري الماء أو الحماق (تشكن بوكس).
- فيروسات وحيدات النوى (مونو نيوكليوسيس).
- فيروس كوفيد 19.
- فيروسات بارا إنفلونزا البشرية (HPV).
- فيروسات الأدنوفيروس.
- الفيروسات الأقل شيوعا: فيروسات الهربس والإيدز وإبشتاين بار وكوكساكي.
ثانيا: الأسباب الجرثومية:
- جراثيم المكورات العقدية (ستربتو كوكساي) من الزمرة (A): تعد مسؤولة عن أكثر حالات التهابات البلعوم لدى الأطفال واليافعين.
- الجراثيم الأخرى: (ستربتوكوكساي) من الزمرة (بي وسي)، كلاميديا الرئوية، مايكوبلاسما الرئوية، هيموفيلوس إنفلونزاي، كانديدا، نايسيريا السحائية، نايسيريا جونوريا، عصيات الدفتريا.
2. الأسباب الأخرى لالتهابات البلعوم:
- التهاب اللوزات (Tonsilitis): التي قد تؤدي إلى حدوث التهاب مزمن في البلعوم.
- ارتجاع حموضة المعدة إلى الحلق (Acid Reflux): قد تتسبب أيضا بحدوث التهاب مزمن في البلعوم.
- الحساسية (Allergy): كالحساسية من حبوب اللقاح وعث الغبار والعفن ومخلفات الحيوانات.
- الاستخدام الزائد لعضلات الحلق كما في حالات الصريخ والتحدث لفترة طويلة.
- استنشاق المواد المخرشة كالدخان والأبخرة الكيماوية وتناول الأطعمة الحارة وشرب الكحول.
- استنشاق للهواء الجاف من خلال الفم.
- الأورام السليمة أو الخبيثة.
الأعراض
تختلف الأعراض باختلاف سبب التهاب البلعوم:
1. أعراض التهاب البلعوم بسبب الفيروسات: تظهر الأعراض عادة بعد (2-5) أيام من العدوى، من أهمها:
- وجع الحلق وجفافه.
- العطاس.
- سيلان الأنف واحتفانه.
- السعال.
- الإحساس بالتعب وفتور الهمة.
- الصداع.
- ارتفاع في الحرارة.
- آلام معممة في أماكن مختلفة من الجسم.
2 . أعراض التهاب البلعوم بفيروس وحيدات النوى (إبشتاين بار): إضافة لوجع الحلق هناك:
- تورم العقد اللمفاوية.
- التعب والشعور بالإرهاق.
- الحرارة.
- آلام عضلية.
- الطفح الجلدي.
3. أعراض التهاب البلعوم الجرثومي:
- تورم العقد اللمفاوية.
- ارتفاع الحرارة.
- القشعريرة.
- فقد الشهية.
- الغثيان.
- تغير في حاسة الذوق.
التشخيص
* القصة المرضية والفحص السريري.
* الفحوص الدموية:
- تعداد الكريات البيض: قليلة الفائدة في التفريق بين الالتهاب الجرثومي والفيروسي.
- ختبار مونوسبوت (Monospot Test): للكشف عن التهاب البلعوم بفيروس إبشتاين بار.
* إجراء مسحة (Swab) أو أكثر من البلعوم: للقيام ب:
1. اختبار كشف الأنتيجن السريع (Rapid Antigen Detection Test- RADT):
- هو اختبار نوعي للكشف عن جراثيم (ستربتوكوكساي) من الزمرة (إيه).
- تظهر نتيجته عادة بعد (30) دقيقة لذا يُلجَأ إليه في العيادات ومراكز الإسعاف.
- إذا كانت نتيجته إيجابية عندها ينصح ببدء المعالجة بالمضادات الحيوية.
- وإذا كانت نتيجته سلبية، خاصة لدى لأطفال، ينصح حينها باللجوء إلى الزرع الجرثومي للبلعوم.
2. إجراء زرع جرثومي للحلق (Throat Culture): بإرسال مسحة تؤخذ من البلعوم إلى المخبر من أجل الزرع الجرثومي. وتعد هذه الطريقة هي الخيار الأفضل للتشخيص.
* التصوير الشعاعي: ليس ضروريا إلا في حالات معينة فمثلا يمكن اللجوء إلى:
- صورة الصدر: إذا كانت هناك صعوبة في التنفس.
- التصوير الطبقي المحوري: حين الشك بتشكل خراجات حول اللوزات.
المعالجة
تعتمد طبيعة المعالجة على نوع العامل المسبب:
1. معالجة التهاب البلعوم الناجم عن الفيروسات:
- تقوم المعالجة هنا على تخفيف الأعراض لذا ينصح باستخدام الأدوية المسكنة والمخفضة للحرارة مثل أسيتامينوفين (Adol) وأيبيوبروفين (Advil).
- ليس للمضاٍدات الحيوية أي دور في التهابات البلعوم الفيروسية.
- عادة تختفي الأعراض هنا من تلقاء نفسها خلال أسبوع من الزمن.
2. معالجة التهاب البلعوم ب(ستربتوكوكساي من الزمرة A):
- المضادات الحيوية: مثل بنسلين (V)، وأموكسيسلين الفموي، والسفالوبورينز، وكليندامايسين، وماكرولايدز. كما يمكن استخدام البنسلين عن طريق العضل.
- يجب الاستمرار في تناول المضادات الحيوية لمدة (10) أيام كاملة حتى ولو تحسنت الأعراض قبل ذلك.
- تساعد المعالجة في: تقصير مدة الأعراض حوالي (24) ساعة، تقي من حدوث المضاعفات، تجعل المريض غير ناقل للعدوى بعد (24) ساعة من بدئها.
3. معالجة التهاب البلعوم الناجم عن الحساسية (الأليرجي):
باستخدام الأدوية المضادة للهيستامين.
4. معالجة التهاب البلعوم الناجم عن الارتجاع المعدي المريئي:
باستخدام مضادات الحموضة.
5. يمكن استخدام مركبات غسول الفم:
لأنها تخفف من ألم الحلق في الحالات الشديدة.
ملاحظة مهمة:
يجب على المرضى المصابين بالتهاب البلعوم بفيروس وحيدات النوى (إبشتاين بار) تجنب الرياضات التي فيها احتكاك لمدة (6-8) أسابيع بسبب هشاشة الطحال لديهم.
المداراة المنزلية
بعض النصائح والإرشادات التي قد تساعد في تخفيف الأعراض:
- اللجوء إلى الراحة والتزام المنزل وتناول كميات كافية من السوائل للبقاء في حالة تميه جيدة.
- الغرغرة (Gargling) باستخدام الماء والملح (لمن هم فوق (6) سنوات)، ويتم ذلك بعد مزج نصف ملعقة شاي صغيرة من الملح في كوب حوالي (250 مل) من الماء الدافئ، ويحبذ تكرار العملية عدة مرات خلال اليوم.
- استخدام مرطبات الجو لجعل الهواء المستنشق أكثر رطوبة لمنع جفاف الحلق الذي يزيد من ألم الالتهاب.
- تجنب شرب الكحول والقهوة لأنهما تفاقم التجفاف.
- تجنب التعرض للدخان والتدخين السلبي والمواد المخرشة والأبخرة الكيميائية.
- يمكن تناول حبوب المص (لوزنج) الخاصة بالحلق أو السكاكر (كانديز) القاسية فهي تزيد إفراز اللعاب ورطوبة الحلق.
- يفضل عدم تناول الطعام قبل النوم لتجنب حدوث ارتجاع حموضة المعدة إلى الحلق.
- ينصح بشرب السوائل الدافئة كالحساء، أو الشاي المحلى بالعسل (لمن هم بعمر فوق السنة)، أو شرب السوائل الباردة كالماء المثلج أو المصاصات المثلجة (Ice Pops).
- تجنب التدابير التي لم تثبت فائدتها كتناول الحلبة وجذور عرق السوس.
استشارة الطبيب
يجب مراجعة الطبيب إذا كان هناك:
- صعوبة في التنفس.
- صعوبة غير عادية في البلع.
- استمرار ألم الحلق لأكثر من أسبوع.
- ألم مرافق في الأذنين.
- طفح جلدي.
- ارتفاع في الحرارة أكثر (38.5) درجة مئوية.
- ملاحظة لعاب أو مخاط مدمى.
- تورم في الوجه أو كتلة في الرقبة.
- استمرار بحة الصوت أكثر من أسبوعين.
المضاعفات
عادة ما تكون مسيرة التهاب البلعوم مسيرة حميدة في معظمه لكن إذا كان التهاب البلعوم ناجما عن الإصابة بالجراثيم العقدية (ستربتوكوكساي) فهناك احتمال لحدوث مضاعفات منها:
- التهاب لسان المزمار: اختلاط خطر مهدد للحياة.
- التهاب الأذنين.
- التهاب العظم خلف الأذن (Mastoiditis).
- التهاب الحبوب.
- الإصابة بالحمى الرثوية (روماتيك فيفر): مرض التهابي يصيب القلب والجلد والدماغ والمفاصل وهو أكثر شيوعا لدى الأطفال من الكبار.
- التهاب الكلى التالي لالتهاب البلعوم بالمكورات العقدية.
التعليقات