نشِّط أفران حرقك وحوِّل طعامك إلى طاقة 2

نشِّط أفران حرقك وحوِّل طعامك إلى طاقة 2
نشِّط أفران حرقك وحوِّل طعامك إلى طاقة 2

نواصل في هذا العدد حديثنا عن كفاءة بيوت الطاقة (الميتوكوندريا)، والتي تحدثنا عنها بالتفصيل في العدد الماضي، وأكدنا أن قدرتنا على حرق السعرات الحرارية تعتمد في المقام الأول على لدينا من الناحية الكمية والنوعية على عددها وكفاءتها، فالميتوكوندريا هي أفران الطاقة الدقيقة التي تنتج الطاقة داخل كل خلية، وهي تأخذ الطعام الذي نأكله وتخلطه بالأوكسجين ثم تحرقه، وهذه هي طريقة إنتاج الطاقة في الجسم.

بطء نشاط الميتوكوندريا يسبب مرض السكري من النوع الثاني وزيادة الوزن

حتماً إن عدد الميتوكوندريا ونشاطها لدى الأشخاص البدناء يكون أقل مقارنة مع النحفاء (وهذا أحد أسباب بقاء النحفاء نحفاء والبدناء بدناء) فقد أكدت الدراسات أن الأشخاص من مرضى النوع الثاني من السكري تكون الميتوكوندريا لديهم أصغر حجماً وأبطأ نشاطاً في حرق السعرات الحرارية مقارنة مع الأشخاص النحفاء.

ثمة ارتباط وثيق بين مرض السكري من النوع الثاني والأداء الوظيفي للميتوكوندريا، وتشير الدراسات أن السبب الرئيسي لمرض السكري هو تلف يصيب الميتوكوندريا والإفراط في تناول السعرات أو السكر وشراب الذرة عالي الفركتوز، أو الكربوهيدرات مرتفعة الحمل السكري أو سريعة الامتصاص وكثرة تناول الدهون المشبعة والمهدرجة والمتحولة كل هذه العوامل إضافة إلى التوتر المزمن والضغوط النفسية تتسبب بزيادة نسبة الدهون الحشوية والإصابة بالسمنة المركزية (الكرش) ومقاومة للأنسولين وتلف للميتوكوندريا مما ينجم عنه الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري.

وبناء عليه فإن أي شيء يعوق عمل جسمك – العوامل المؤكسد والشوارد الحرة (الصدأ) والسكر والدهون المتحولة والالتهاب يجعلك في حالة اضطراب ينتج عنها تدهور الأيض وزيادة الوزن.

بشرى سارة

حتى لو كان لديك الجينات التي تجعلك عرضة لحالة مقاومة الأنسولين والسمنة فبإمكانك أن توقف وتقلل من نشاط تلك الجينات عن طريق تعديل نمط حياتك بممارسة التمرينات البدنية والأنشطة الحركية وتمرينات المقاومة لتقوية العضلات والابتعاد عن السهر وتناول الأطعمة الصحية والابتعاد عن التوتر والقلق، ويمكنك أن تحسن من وظيفة الميتوكوندريا وأن ترفع معدل أيضك وتنشطه من خلال أتباع المبادئ الغذائية الأساسية وإرشادات الطبق الغذائي الصحي.

تمرن بذكاء

كلنا يعلم أنه لكي نحقق مميزات حرق الدهون بالجسم وخفض الوزن علينا ممارسة أنشطة بدنية معتدلة إلى متوسطة الشدة، مثل (الأيروبيكس) أو ممارسة أنشطة بدنية هوائية مثل الجري الخفيف والمشي لساعات، ولكن إلى أي مدى يعد هذا الادعاء صحيحاً حقاً؟

في المقابل تشير الدراسات إلى أن ركوب الدراجة لبضع دقائق وبشدة عالية قد يسهم في تقليل عوامل خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني، وكذلك خفض دهون الجسم، ولاسيما الدهون الحشوية المحيطة في منطقة البطن (الكرش).

يقول عالم الاقتصاد جون ماينادر: "عندما تتغير الحقائق أغير رأيي"، فعندما تجرب هذه التمرينات حتماً سوف تغير رأيك؛ فالتمرينات التقليدية باتت مضيعة للوقت في عصر السرعة، إن ممارسة التمرينات المكثفة لفترات قصيرة حتماً ستقدم لكم العديد من الفوائد عند مقارنتها مع التمرينات التقليدية:

كيف تؤدّي التمرينات المكثفة، وما الفرق الذي تحدثه مقارنة مع التمرينات التقليدية؟

أظهرت معظم الدراسات أن التمرينات المكثفة تؤدّي إلى ما يأتي:

  • سوف تحسن، وترفع لياقتك البدنية بشكل أفضل، وبوقت أقصر من التمرينات التقليدية.
  • خفض نسبة الشحوم بالجسم، ولاسيما الدهون الحشوية (دهون البطن).
  • سوف تحسن من حساسيتك للأنسولين أكثر من التمرينات التقليدية، لأنها تؤدي إلى تقوية العضلات مما يسهم بتحسين استجابة العضلات للأنسولين لأن العضلات تعد أكبر مستهلك للسكر.
  • تساعد على زيادة الكتلة العضلية في الجزء العلوي والسفلي من الجسم من خلال زيادة عدد الميتوكوندريا (بيوت الطاقة، أفران الحرق) وبالتالي خسارة الدهون وفقدان الوزن بشكل أسرع.
  • رفع معدل التمثيل الغذائي في فترات الراحة (سوف تحرق دهون جسمك حتى وأنت نائم).

أحد الأسباب التي تجعل التمرينات المكثفة تحدث تغيرات كبيرة وجوهرية في وقت قصير هو تأثير التمرينات العالية الشدة على مقدراتك، والمقدرات هي مصانع القوة الأساسية في جسمك، فهي تعمل على تحويل المواد الخام مثل الأوكسجين (O2) والجلوكوز إلى حزم صغيرة من الطاقة تسمى ثلاثي فسفات الأدنوسين (ATP)، وهذه الطاقة تستخدم لتقوية الجسم كما أنها تساهم بتضخم عضلة القلب فتصبح أكبر وأكثر كفاءة واقتصادية بالعمل.

ومع ذلك فالتمرينات البدنية شأنها شأن الحميات الغذائية فهي محاطة بالعديد من المفاهيم والادعاءات الخاطئة، فهناك فجوة كبيرة وتباين واضح ما بين علم التمرينات البدنية وما يحدث فعلياً داخل الصالات الرياضية، وبناء على ما أظهرته الدراسات والأبحاث سوف نجيب عن أهم التساؤلات المتعلقة بحقيقة التمرينات الرياضية.

  • كيف نستطيع أن نكتسب اللياقة البدنية خلال دقائق معدودة؟
  • لماذا يستفيد بعضهم من ممارسة التمرينات البدنية أكثر من غيره؟
  • لماذا نادراً ما تؤدي ممارسة التمرينات الرياضية منخفضة الشدة مثل (المشي، والجري...) إلى إنقاص الوزن؟

إن التساؤل الأخير قد يبدو أكثر طرحاً وإثارة للدهشة وتثبيطاً للعزيمة، لأن السواد الأعظم من البشر ينضم إلى المراكز الرياضية، ويبدأ ممارسة التمرينات البدنية على أجهزة المشي (السير المتحرك أو الدراجة الثابتة) إيماناً بأن هذه التمرينات سوف تساعدهم في إنقاص الكيلو جرامات الزائدة وخفض الوزن والتخلص من الدهون والترهلات.

من خبراتي الشخصية كنت أتمنى لو أن الأمور كانت بهذه البساطة، فكل يوم تثبت لنا الدراسات أن ممارسة التمرينات الرياضية التقليدية منخفضة الشدة مثل (المشي والهرولة) نادراً ما تؤدي إلى إنقاص الوزن وتقوية العضلات، في المقابل فهي جيدة ومفيدة للصحة العامة وتعزيز صحة العظام وتحسين جودة النوم الليلي وتحسين المزاج.

كيف تعمل التمرينات المكثفة على حرق الدهون؟
  • عندما تزيد من شدة التدريب، فإنك تبني كتلة عضلية أكبر وأكثر نشاطاً في القيام بالتمثيل الغذائي، ونظراً لأن العضلات تجيد حرق الدهون (كل كيلوغرام من العضلات يحرق يومياً ما يعدل 100 سعر حراري حتى في حال الاسترخاء، بينما لا تحرق الهون شيء يذكر) فإن إجمالي استهلاك السعرات الحرارية يرتفع لديك، وهذا يحدث في الأساس لأن التمرينات المكثفة تجعل خلايا العضلات تصنع عدداً أكبر من المتقدرات الجديدة وهي مصانع القوة التي تحول الدهون إلى طاقة وحرارة، والمتقدرات لا تعمل على حرق الدهون فحسب عندما تمارس التمرينات ولكنها تستمر في القيام بذلك لبعض الوقت عندما تسترد عضلاتك عافيتها في وقت الراحة.
  • يؤدي جهد التمثيل الذاتي الذي سببته التمرينات المكثفة أيضاً إلى زيادة كبيرة في توليد الكاتيكولامينات؛ وهي هرمونات مثل الأدرنالين والنور أدرينالين، والتي تؤدي إلى حرق الدهون بصورة أعلى بكثير، حيث ترتفع نسبة الأدرنالين والنور أدرينالين إلى 1450% بعد جلسة من التمرينات المكثفة ويصبح حجم الاستجابة أكبر بكثير مما تحدثه التمرينات المعتادة (التقليدية) مثل المشي والهرولة أو ركوب الدراجة.
  • لماذا تؤدي التمرينات المكثفة إلى التخلص من الدهون في منطقة البطن (الكرش) إن أحد الأسباب أن هناك عدداً من مستقبلات الكاتيكولامينات في دهون البطن أكثر من الدهون الموجودة تحت الجلد، ولهذا عندما تحصل على دفعة من الكاتيكولامينات بعد ممارسة التمرينات المكثفة، فإنها تستهدف دهون البطن فيزيد حرق الدهون من مخزون دهون الحشوية.
  • كما تنشط الكاتيكولامينات الدهون البنية التي تقوم بحرق السعرات الحرارية وعندما تنشط تفرز الدهون البنية قدراً أكبر من الطاقة بحوالي 300مرة من أي عضو آخر من الجسم.
  • كما أثبتت الدراسات أن التمرينات المكثفة تقلل الشهية لتناول الطعام بطرق لا تفعلها التمرينات التقليدية منخفضة الشدة، وتفسير ذلك يعود إلى أن التمرينات المكثفة تعمل على كبح عمل هرمون الجوع (الجريلين) وتنشط عمل هرمون الشبع (اللبتين).

ولكن البعض يعتقد بأن هناك مخاوف جسيمة متعلقة بممارسة التمرينات المكثفة عالية الشدة وهو أنها تسبب أزمات قلبية أو سكتة دماغية، ولكن الحقيقة أن الدراسات العلمية أظهرت أن التمرينات المكثفة سوف تقلل من خطر حدوث ذلك كما أنها تساعد أيضاً على التعافي بسرعة أكبر بعد التعرض للأزمات القلبية، حين يتم أداؤها بأسلوب علمي صحيح وتحت إشراف مختصين ومؤهلين بهذا النوع من التمرينات.

الطاقة المصروفة أثناء بعض الأنشطة البدنية التقليدية والسريعة المكثفة

نشِّط أفران حرقك وحوِّل طعامك إلى طاقة 2

التعليقات

فيديو العدد