نشِّط أفران حرقك وحوِّل طعامك إلى طاقة 2
العدد 162 - 2025
نواصل في هذا العدد حديثنا عن كفاءة بيوت الطاقة (الميتوكوندريا)، والتي تحدثنا عنها بالتفصيل في العدد الماضي، وأكدنا أن قدرتنا على حرق السعرات الحرارية تعتمد في المقام الأول على لدينا من الناحية الكمية والنوعية على عددها وكفاءتها، فالميتوكوندريا هي أفران الطاقة الدقيقة التي تنتج الطاقة داخل كل خلية، وهي تأخذ الطعام الذي نأكله وتخلطه بالأوكسجين ثم تحرقه، وهذه هي طريقة إنتاج الطاقة في الجسم.
حتماً إن عدد الميتوكوندريا ونشاطها لدى الأشخاص البدناء يكون أقل مقارنة مع النحفاء (وهذا أحد أسباب بقاء النحفاء نحفاء والبدناء بدناء) فقد أكدت الدراسات أن الأشخاص من مرضى النوع الثاني من السكري تكون الميتوكوندريا لديهم أصغر حجماً وأبطأ نشاطاً في حرق السعرات الحرارية مقارنة مع الأشخاص النحفاء.
ثمة ارتباط وثيق بين مرض السكري من النوع الثاني والأداء الوظيفي للميتوكوندريا، وتشير الدراسات أن السبب الرئيسي لمرض السكري هو تلف يصيب الميتوكوندريا والإفراط في تناول السعرات أو السكر وشراب الذرة عالي الفركتوز، أو الكربوهيدرات مرتفعة الحمل السكري أو سريعة الامتصاص وكثرة تناول الدهون المشبعة والمهدرجة والمتحولة كل هذه العوامل إضافة إلى التوتر المزمن والضغوط النفسية تتسبب بزيادة نسبة الدهون الحشوية والإصابة بالسمنة المركزية (الكرش) ومقاومة للأنسولين وتلف للميتوكوندريا مما ينجم عنه الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري.
وبناء عليه فإن أي شيء يعوق عمل جسمك – العوامل المؤكسد والشوارد الحرة (الصدأ) والسكر والدهون المتحولة والالتهاب يجعلك في حالة اضطراب ينتج عنها تدهور الأيض وزيادة الوزن.
حتى لو كان لديك الجينات التي تجعلك عرضة لحالة مقاومة الأنسولين والسمنة فبإمكانك أن توقف وتقلل من نشاط تلك الجينات عن طريق تعديل نمط حياتك بممارسة التمرينات البدنية والأنشطة الحركية وتمرينات المقاومة لتقوية العضلات والابتعاد عن السهر وتناول الأطعمة الصحية والابتعاد عن التوتر والقلق، ويمكنك أن تحسن من وظيفة الميتوكوندريا وأن ترفع معدل أيضك وتنشطه من خلال أتباع المبادئ الغذائية الأساسية وإرشادات الطبق الغذائي الصحي.
كلنا يعلم أنه لكي نحقق مميزات حرق الدهون بالجسم وخفض الوزن علينا ممارسة أنشطة بدنية معتدلة إلى متوسطة الشدة، مثل (الأيروبيكس) أو ممارسة أنشطة بدنية هوائية مثل الجري الخفيف والمشي لساعات، ولكن إلى أي مدى يعد هذا الادعاء صحيحاً حقاً؟
في المقابل تشير الدراسات إلى أن ركوب الدراجة لبضع دقائق وبشدة عالية قد يسهم في تقليل عوامل خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني، وكذلك خفض دهون الجسم، ولاسيما الدهون الحشوية المحيطة في منطقة البطن (الكرش).
يقول عالم الاقتصاد جون ماينادر: "عندما تتغير الحقائق أغير رأيي"، فعندما تجرب هذه التمرينات حتماً سوف تغير رأيك؛ فالتمرينات التقليدية باتت مضيعة للوقت في عصر السرعة، إن ممارسة التمرينات المكثفة لفترات قصيرة حتماً ستقدم لكم العديد من الفوائد عند مقارنتها مع التمرينات التقليدية:
كيف تؤدّي التمرينات المكثفة، وما الفرق الذي تحدثه مقارنة مع التمرينات التقليدية؟
أحد الأسباب التي تجعل التمرينات المكثفة تحدث تغيرات كبيرة وجوهرية في وقت قصير هو تأثير التمرينات العالية الشدة على مقدراتك، والمقدرات هي مصانع القوة الأساسية في جسمك، فهي تعمل على تحويل المواد الخام مثل الأوكسجين (O2) والجلوكوز إلى حزم صغيرة من الطاقة تسمى ثلاثي فسفات الأدنوسين (ATP)، وهذه الطاقة تستخدم لتقوية الجسم كما أنها تساهم بتضخم عضلة القلب فتصبح أكبر وأكثر كفاءة واقتصادية بالعمل.
ومع ذلك فالتمرينات البدنية شأنها شأن الحميات الغذائية فهي محاطة بالعديد من المفاهيم والادعاءات الخاطئة، فهناك فجوة كبيرة وتباين واضح ما بين علم التمرينات البدنية وما يحدث فعلياً داخل الصالات الرياضية، وبناء على ما أظهرته الدراسات والأبحاث سوف نجيب عن أهم التساؤلات المتعلقة بحقيقة التمرينات الرياضية.
إن التساؤل الأخير قد يبدو أكثر طرحاً وإثارة للدهشة وتثبيطاً للعزيمة، لأن السواد الأعظم من البشر ينضم إلى المراكز الرياضية، ويبدأ ممارسة التمرينات البدنية على أجهزة المشي (السير المتحرك أو الدراجة الثابتة) إيماناً بأن هذه التمرينات سوف تساعدهم في إنقاص الكيلو جرامات الزائدة وخفض الوزن والتخلص من الدهون والترهلات.
من خبراتي الشخصية كنت أتمنى لو أن الأمور كانت بهذه البساطة، فكل يوم تثبت لنا الدراسات أن ممارسة التمرينات الرياضية التقليدية منخفضة الشدة مثل (المشي والهرولة) نادراً ما تؤدي إلى إنقاص الوزن وتقوية العضلات، في المقابل فهي جيدة ومفيدة للصحة العامة وتعزيز صحة العظام وتحسين جودة النوم الليلي وتحسين المزاج.
ولكن البعض يعتقد بأن هناك مخاوف جسيمة متعلقة بممارسة التمرينات المكثفة عالية الشدة وهو أنها تسبب أزمات قلبية أو سكتة دماغية، ولكن الحقيقة أن الدراسات العلمية أظهرت أن التمرينات المكثفة سوف تقلل من خطر حدوث ذلك كما أنها تساعد أيضاً على التعافي بسرعة أكبر بعد التعرض للأزمات القلبية، حين يتم أداؤها بأسلوب علمي صحيح وتحت إشراف مختصين ومؤهلين بهذا النوع من التمرينات.
الطاقة المصروفة أثناء بعض الأنشطة البدنية التقليدية والسريعة المكثفة
التعليقات