توقف التنفس خلال النوم

توقف التنفس خلال النوم
توقف التنفس خلال النوم

توقف التنفس خلال النوم هو اضطراب شائع بين الناس، لكن الكثيرين من المصابين لا يعلمون بوجوده. يتميز هذا الاضطراب بتعرض المصاب إلى نوبات متكررة من توقف التنفس قد تصل إلى عشرات وربما مئات المرات خلال الليل، وعادة ما تمتد النوبة الواحدة من ثوانٍ معدودات إلى قرابة الدقيقة.

تأتي أهمية التعرف على هذا الاضطراب واكتشافه مبكراً إلى المضاعفات الصحية التي يتركها وراءه إذا لم يعالج في مراحله الأولى بشكل فعال.

التعريف

يُعرَّف توقف التنفس خلال النوم (Sleep Apnea - Hypopnea) بأنه إما:

  • الانعدام التام للهواء (100%)، أو الانخفاض شبه التام (أكثر من 90%) لكمية الهواء المتدفق في الطرق الهوائية العليا خلال النوم، وهذا يسمى (سليب أبنيا - Sleep Apnea).
  • وإما الانخفاض في كمية الهواء (حيث ينقص أكثر من 30%) المتدفق في الطرق الهوائية العليا خلال النوم، وهذا يسمى (سليب هايبوبنيا - Sleep Hypopnea).
نتائج توقف التنفس

يترافق التوقف، التام أو الجزئي، مع تغيرات ملحوظة لدى الإنسان:

  • انخفاض مستوى الأوكسجين وارتفاع مستوى غاز ثاني أوكسيد الكربون في الدم.
  • الاستيقاظ المتكرر بتحريض من الدماغ للتنفس ثانية وهذا بدوره يؤدي إلى حرمان النائم من الوصول إلى نوم عميق مريح مجدد للطاقة والحيوية، ثم الشعور بالتعب وفقد الطاقة خلال النهار.
  • الإفاقة المتكررة مع صوت شهيق عميق يشبه صوت من يقاوم الاختناق.
  • انخفاض مستويات الأوكسجين في الدم تؤثر سلباً على القلب والرئتين وعلى أجهزة أخرى في الجسم.
  • ارتفاع معدل التعرض لحوادث السيارات والإصابات المهنية وغيرها نتيجة النعاس النهاري وفقد التركيز.
معلومات وإحصاءات
  • يقدر عدد المصابين باضطراب توقف التنفس خلال النوم في أميركا (30 مليون) شخصاً، لكن قرابة (80%) منهم لا يدرون بإصابتهم به.
  • يقدر عالمياً عدد المصابين بتوقف التنفس الانسدادي، بين عمري (30-70) سنة، قرابة (بلبون) شخص.
  • قد يحدث توقف التنفس خلال النوم للإنسان الطبيعي لكنه لا يتجاوز (5) مرات خلال الليلة كلها.
  • على الرغم من أن توقف التنفس الانسدادي أكثر حدوثاً لدى البالغين إلا أنه قد يصيب (2-4%) من الأطفال على مستوى العالم.
  • ترتفع لدى الحوامل نسبة الإصابة بتوقف التنفس خلال النوم نتيجة لتغيرات في الطرق الهوائية العليا، وهو أكثر خطراً في الثلث الأخير من الحمل، إلا أنه يتحسن بعد الولادة.
  • كثيرا من المصابين بتوقف التنفس لا يعلمون بأنهم لا ينامون جيداً خلال الليل.
  • على الرغم من أن الشخير عرض أساسي في توقف التنفس خلال النوم لكن ليس كل شخير هو بالضرورة مؤشر على توقف التنفس في أثناء النوم.
أنماط توقف التنفس

هناك ثلاثة أنماط رئيسة:

  • توقف التنفس الانسدادي (Obstructive Sleep Apnea - OSA): سببه انسداد الطرق العليا انسداد كاملاً أو جزئياً وهو النمط الأكثر انتشاراً.
  • توقف التنفس المركزي (Central Sleep Apnea - CSA): ينجم عن غياب التنبيه العصبي المركزي القادم من الدماغ إلى عضلات التنفس وهو أقل انتشاراً من سابقه.
  • توقف التنفس المختلط أو المركب (Mixed or Complex Sleep Apnea): يجمع بين النمطين السابقين الانسدادي والمركزي.

سنتحدث هنا عن النمط الأول لأنه الأكثر شيوعا.

توقف التنفس خلال النوم الانسدادي (Obstructive Sleep Apnea - OSA):

هو أكثر الأنماط مشاهدة لدى البالغين في الولايات المتحدة الأميركية؛ حيث يشكل تقريباً (10%-30%) من الحالات. يبدأ بتعرض الشخص لنوبات من توقف التنفس تتراوح بين (5-7) مرات في الساعة، قد لا يشعر المصاب بها كثيراً. لكن الحالة تتطور مع الوقت لتصل عدد نوبات توقف التنفس إلى (30 مرة) في الساعة الواحدة.

آلية حدوث توقف التنفس الانسدادي

يحدث توقف التنفس الانسدادي خلال النوم بسبب الارتخاء الشديد الذي يصيب العضلات التي تدعم القسم الخلفي من سقف الفم (الحنك الرخو) مع ارتخاء عضلات اللسان والعضلات الداعمة للجدران الجانبية للحلق أيضاً، فيؤدي ذلك إلى انخماص تلك الجدران مسببة تضيقاً في الطرق الهوائية العليا وانغلاقها خلال الشهيق.

ينجم عن هذا التضيق نقص في كمية الهواء الواصلة إلى الرئتين ثم إلى انخفاض مستوى الأوكسجين وارتفاع مستوى غاز ثاني أوكسيد الكربون في الدم. هذا التغير الحاصل هو المسؤول الرئيس لحدوث معظم الأعراض الليلية والنهارية.

الأعراض

تُقسَم أعراض توقف التنفس الانسدادي إلى:

أولًا: الأعراض الليلية:

  • الاستيقاظ المتكرر خلال النوم.
  • الشخير: عادة يكون عالياً وهو يبدأ حالما يخلد الشخص للنوم ويتوقف مع توقف التنفس.
  • الاستيقاظ المصحوب بصوت أشبه بصوت الشخص المختنق الباحث بشدة عن الهواء.
  • التعرق الليلي.
  • زيادة الحاجة للتبول.
  • الحرمان من الوصول لنوم عميق مستمر ومريح.

ثانيا: الأعراض خلال النهار:

  • الشعور بالعطش صباحاً نتيجة جفاف الفم وربما مع ألم في الحلق.
  • التعب والإرهاق والشعور القاهر بالميل للنوم.
  • تغير المزاج (القلق وسرعة النزق والاكتئاب).
  • صعوبة التركيز أو التذكر وتشوش التفكير وربما اضطراب الذاكرة القريبة.
  • الصداع خاصة بعد الاستيقاظ:

= يشاهد في (10-30%) من الحالات غير المعالجة.
= عادة ما يكون في الجانبين، مترافقاً مع شعور بضغط قد يدوم لساعات.
= لا يترافق مع غثيان ولا انزعاج من الصوت ولا الضوء.
= قد يتكرر خلال أيام الأسبوع.
= سببه غير واضح تماماً لكنه يعزى إلى سببين:

أولهما: انخفاض مستويات الأوكسجين وارتفاع مستويات ثاني أوكسيد الكربون (CO2) في الدم، ومنه توسع الأوعية الدموية وازدياد الضغط داخل الدماغ.
ثانيهما: الاستيقاظ المتكرر.

الأسباب وعوامل الخطر

هناك أسباب وعوامل تزيد من احتمال الإصابة بتوقف التنفس الانسدادي، من أهمها:

  • الذكورة: فالذكور أكثر عرضة للإصابة (2-3 مرات) بتوقف التنفس من الإناث، هذا قبل سن غياب الطمث، لكن بعد ذلك تصبح الكفة متعادلة بين الجنسين.
  • التقدم في العمر: حيث يزداد خطر توقف التنفس مع التقدم مع العمر لكنه يثبت بعد الستين.
  • البدانة: خاصة إذا تجاوز (مؤشر كتلة الجسم – Body Mass Index BMI) (30 كغ/م2). تتسبب البدانة في ترسب الشحوم حول الطرق التنفسية العليا وزيادة الضغط عليها.
  • ازدياد محيط الرقبة عن (43 سم أو17 إنش) عند الذكور و(37 سم أو 15 إنش) عند النساء.
  • وجود تغيرات تشريحية مثل صغر الفك السفلي أو تقدمه للأمام، ضخامة اللسان، تضخم اللوزات أو الغدد اللحمية الأنفية (Nasal Adenoids).
  • اضطراب المورثات: كمتلازمة داون، ومتلازمة (برادر ويلي) لتأثيرهما على شكل الرأس والعنق.
  • إصابة أحد أفراد العائلة بتوقف التنفس الانسدادي.
  • احتقان الأنف المزمن: لأن انسداد الأنف خلال النوم يضاعف من احتمال الإصابة بتوقف التنفس الانسدادي بغض النظر عن سبب هذا الاحتقان.
  • شرب الكحول وأخذ المواد المهدئة والمنومة: ترفع من احتمال الإصابة بتوقف التنفس خلال النوم لأنها تزيد من ارتخاء عضلات الطرق الهوائية العليا.
  • التدخين: يرفع من احتمال توقف التنفس خلال النوم إلى ثلاثة أضعاف.
  • وجود بعض الأمراض: كارتفاع ضغط الدم والسكري من النمط الثاني وقصور القلب الاحتقاني، والاضطرابات الهرمونية، والأمراض الصدرية المزمنة.

مضاعفات توقف التنفس الانسدادي:

  • تعريض الذات أو الآخرين للخطر: خاصة في الأعمال التي تحتاج للدقة والانتباه (كالقيادة مثلاً) نتيجة غلبة النعاس في النهار.
  • ارتفاع الضغط الرئوي واضطراب نظم القلب مثل (الرجفان الأذيني).
  • الإصابة بالسكتة الدماغية.
  • الموت المفاجئ خاصة لمن لديهم مرض قلبي سابق.
  • حدوث مشكلات في الكبد.
  • الإصابة بالداء السكري من النمط الثاني.

تشخيص توقف التنفس الانسدادي:

  • الفحص السريري والقصة المرضية المفصلة.
  • دراسة النوم (Sleep Study) أو مخطط النوم (Polysomnogram) في مختبر متخصص لذلك.
  • إجراء اختبارات النوم في البيت: لكنها لا تتضمن دراسة الأمواج الدماغية وبعض المعايير الأخرى.
  • الاستعانة ببعض التسجيلات المرئية والصوتية للشخص خلال النوم لكونها تساعد في التشخيص.
  • إجراء الفحوص الشعاعية والتصويرية اللازمة لتحديد طبيعة العائق في الطرق الهوائية العليا.

المعالجة

تستند معالجة توقف التنفس الانسدادي إلى عدد من الإجراءات:

1. إجراء بعض التعديلات في أسلوب الحياة مثل:

  • تجنب النوم على الظهر والنوم على أحد الجانبين.
  • التخلص من الوزن الزائد.
  • ممارسة الرياضة وزيادة النشاط الفيزيائي.
  • تجنب التدخين والكحوليات.
  • تجنب تناول الأدوية المنومة.

2. استخدام مكنة الضغط الإيجابي للطرق الهوائية عند النوم: (Positive Airway Pressure - PAP) وتعد هذه أكثر الطرق العلاجية اتباعا لمعالجة توقف التنفس الانسدادي. وهناك أنواع مختلفة من تلك المكنات وعلى الطبيب أن يحدد النوع المناسب للحالة.

3. ارتداء أجهزة خاصة بالفم عند النوم: تعمل على سحب الفك أو اللسان نحو الأمام فتساعد في فتح الطرق الهوائية العليا خلال النوم.

4. المعالجة الدوائية: وتشمل:

  • إعطاء دواء السكري وإنقاص الوزن (Tirzepetide)، المعروف تجارياً باسم (Zepbound)، بعد أن وافقت إدارة الدواء والغذاء الأميركية (FDA) في عام (2024) على استخدامه في معالجة حالات توقف التنفس الانسدادي (المتوسطة أو الشديدة) لدى البالغين البدينين.
  • يمكن إعطاء بعض الأدوية المنبهة العصبية المركزية للتغلب على عائق النعاس في النهار.

5. المعالجة الجراحية:

نلجأ للجراحة في الحالات المتقدمة، أو عند إخفاق الطرق العلاجية الأخرى. وتشمل الخيارات التالية:

  • استئصال الأنسجة من الجزء الخلفي من الحلق: ويُطلَق عليها اختصاراً (UPPP).
  • إحداث فتحة في الرغامى (Tracheostomy) لتمرير الهواء وتجاوز الانسداد.
  • استئصال اللوزات والغدد اللحمية الأنفية (أدينويدز).
  • زرع جهاز خاص في الصدر لتنبيه العصب المسؤول عن حركة اللسان: يحرض على تحريك اللسان نحو الأمام خلال النوم مانعاً سقوطه للخلف وسده الطرق الهوائية.
  • عمليات إصلاح الفكين العلوي والسفلي.
  • عمليات تنزيل الوزن.

التعليقات