التعريف
التهاب المعدة والأمعاء: هو التهاب الغشاء المبطن للجهاز الهضمي؛ وتحديداً المعدة والأمعاء الدقيقة والأمعاء الغليظة (الكولون). يحدث هذا الالتهاب في أغلب حالاته نتيجة تعرض الجهاز الهضمي لعوامل ممرضة كالفيروسات والجراثيم وغيرها من الكائنات الدقيقة، أو نتيجة تعرضه في حالاته القليلة لعوامل أخرى كالمعادن الثقيلة والمواد الكيميائية الضارة والأدوية والنباتات السامة والكحول وغيرها.
ومع أن معظم حالات التهاب المعدة والأمعاء تتخذ مساراً سليماً أي تشفى من تلقاء ذاتها إلا أن الالتهاب قد يشكل خطراً على حياة كل من الأطفال الصغار وكبار السن بسبب ضعف المناعة لديهما.
معلومات وإحصاءات
- تُسجل سنوياً في أميركا (48) مليون إصابة بالتهاب المعدة والأمعاء (أي واحد من أصل كل ستة أشخاص) نتيجة تناول الأطعمة أو الأشربة الملوثة، يتوفى منها حوالي (3000) حالة.
- على مستوى العالم يتوفى حوالي (1.6) مليون شخص سنوياً بالتهاب المعدة والأمعاء المُعْدي. وهذا الرقم أقل من سابقاته نتيجة التقدم في تعقيم مياه الشرب والاستخدام الواسع لمحاليل التميه الفموية.
- عالمياً، يعد التهاب المعدة والأمعاء من الأسباب الرئيسة لوفاة الأطفال دون (5) سنوات سنوياً.
- تعد الفيروسات مسؤولة عن (60%) من حالات التهابات المعدة والأمعاء.
- (30 %) من النساء الحوامل عرضة للإصابة بالتهاب المعدة والأمعاء في مرحلة ما من الحمل.
- يكون الشخص المصاب ناقلاً للعدوى في مرحلة الأعراض الحادة ويبقى ناقلاً لها لعدة أيام بعد زوالها.
أنواع التهابات المعدة والأمعاء
أولاً: حسب العامل المسبب:
- التهاب المعدة والأمعاء الإنتاني أو المُعْدي (Infectious Gastroenteritis): يعد أكثر الأنواع مشاهدة. ينجم عن إصابة المعدة أو الأمعاء بالعضويات الحيوية الدقيقة مثل الجراثيم والفيروسات والفطور والطفيليات.
- التهاب المعدة والأمعاء الكيميائي (Chemical Gastroenteritis): ينجم بسبب التعرض لبعض المواد الكيميائية أو الدوائية. وتتباين هذه المواد فيما بينها في أن بعضها قادر على إحداث الالتهاب بكمية قليلة منها، بينما يحتاج بعضها الآخر لكمية كبيرة منها لإحداثه.
ثانياً: حسب مدة المرض:
- التهاب المعدة والأمعاء الحاد (Acute): يدوم لأقل من (14) يوماً
- التهاب المعدة والأمعاء المستمر (Persistent): يدوم بين (14-30) يوماً.
- التهاب المعدة والأمعاء المزمن (Chronic): يدوم أكثر من (30) يوماً.
الأعراض
تظهر عادة الأعراض الهضمية أولاً تليها الأعراض الجهازية الأخرى. من أهم الأعراض:
- الغثيان والقيء: قد يبدآن فجأة. وقد يكون القيء قوياً أو متكرراً خلال مدة قصيرة.
- الإسهال: قد يكون مائياً، وربما كان العرض الأول المفاجئ في بعض الحالات.
- وجع البطن وتطبله والمغص الذي يخف بعد قضاء الحاجة.
- فقد الشهية وعدم القدرة على إبقاء أي شيء في المعدة حتى الماء.
- ارتفاع طفيف في الحرارة: غالباً لا يتجاوز (38) درجة.
- الوهن والتعب والشكوى من آلام عضلية موزعة.
- القشعريرة.
- الصداع.
أسباب التهاب المعدة والأمعاء
أولاً- الأسباب المُعْدِيَة (Infectious):
تعد من أكثر الأسباب المسؤولة عن التهاب المعدة والأمعاء. وتقسم إلى:
1- الفيروسات: مسؤولة عن (50%-70%) من الحالات. من أهمها:
أ- نوروفيروس (Norovirus):
- يعد الفيروس المسؤول عن جائحات التهاب المعدة والأمعاء الفيروسية.
- يعتبر عالمياً من أكثر الفيروسات المسؤولة عن التهابات المعدة والأمعاء المنقولة عن طريق الأطعمة (Food-Borne).
- وهو فيروس شديد العدوى ينتقل عبر التماس المباشر مع المصابين أو التماس مع السطوح الملوثة به وعبر مشاركة الطعام والشراب الملوثين.
ب- روتا فيروس:
- كان يعد السبب الرئيس للإسهال لدى الأطفال في أميركا قبل حملة التلقيح ضده عام (2006) التي خفضت معدلات الإصابة به. هذا اللقاح يتوافر حالياً في بعض البلدان.
- يصيب الكبار لكن غالباً دون ظهور الأعراض عليهم مما يفاقم في نشر العدوى.
- تبلغ ذروة انتشاره في أميركا بين شهري يناير ويونيو.
ج- أسترو فيروس:
- يأتي في المرتبة الثالثة من حيث الانتشار بعد نورو فيروس وروتا فيروس.
- يسبب حالات بسيطة من الإسهال المائي.
- ينتشر أكثر عند من هم فوق (65) سنة أو دون (5) سنوات وعند ضعيفي المناعة.
- يكتسب معظم البالغين مناعة ضده عقب الإصابة به.
د- فيروسات أخرى:
- أدنو فيروس، كاليسي فيروس، سابو فيروس.
- الجراثيم: مسؤولة عن (15%-20%) من الحالات. من أهمها:
- كامبيلو باكتر.
- كلاستريديوم ديفيسيل.
- إي كولاي.
- السالمونيلا.
- الشيغيلا.
- ستافيلوكاكساي.
آلية عمل الجراثيم:
تسبب الجراثيم الالتهاب عبر واحد أو أكثر من الأساليب التالية:
أ- إطلاقها للسموم داخل الأمعاء (Enterotoxins):
حيث تلتصق الجراثيم ببطانة الأمعاء، دون أن تخترقها، مطلقة سمومها التي تمنع الأمعاء من القيام بوظيفتها فتتسبب في إحداث إسهال مائي وفقد للشوارد. يمثل هذا الأسلوب جراثيم (الكوليرا) و(سي. ديفيسيل) وبعض سلالات (إي. كولاي).
ب- إطلاقها السموم في الطعام والشراب (Exotoxins):
هنا تطلق الجراثيم سمومها مباشرة في الأطعمة والأشربة فتسبب الغثيان والقيء والإسهال خلال (12) ساعة من تناولها وتستمر تلك الأعراض عادة حوالي (36) ساعة. يمثل هذا الأسلوب جراثيم (ستافيلوكاكس أورياس) وجراثيم (Bacillus Cereus).
ج- غزوها بطانة الأمعاء:
هنا تغزو الجراثيم بذاتها بطانة الأمعاء الدقيقة أو الكولون مسببة إسهالاً قد يكون مدمى. ويمثل هذا الأسلوب جراثيم (السالمونيلا) و(الشيغيلا) و(كامبيلو باكتر).
3- الطفيليات (Parasites): مسؤولة عن (10%-15%) من الحالات.
تنتقل إلى البشر من خلال شرب المياه الملوثة أو السباحة في مسابح غير نظيفة أو عبر التماس مع حيوانات مصابة. من أهمها:
- الجيارديا: يمكن أن تنتشر في دور رعاية الأطفال نتيجة رداءة النظافة الشخصية. إذا لم تعالج جيداً فقد تتحول إلى إصابة مزمنة تعوق امتصاص المواد المغذية.
- كريبتوسبوريديوم: غالباً ما تشفى حالات إصابتها خلال أسبوعين.
- الأميبا الزحارية: تنتشر في البلاد النامية كأفريقيا وآسيا وأميركا الجنوبية.
4- الفطريات: من أهمها:
ثانيا: الأسباب الكيميائية:
- التعرض للمعادن الثقيلة: عبر شرب المياه الملوثة بالزرنيخ والكادميوم والرصاص والزئبق.
- تناول بعض النباتات: مثل الماشروم السام.
- الكحول: بالجرعات الكبيرة.
- تعاطي الكوكائين.
ثالثا: الأدوية: خاصة في الجرعات المفرطة منها:
- أدوية السرطان.
- الأدوية المضادة للالتهاب غير الستيروئيدية (NSAID’s Overuse).
- مضادات الحموضة.
- المسهلات.
- المضادات الحيوية.
- أدوية أخرى: الكولشيسين (للنقرس)، والديحوكسين (دواء لقصور القلب واضطرابات النظم).
العوامل المؤهبة
على الرغم من أن التهاب المعدة والأمعاء قد يصيب أي فئة عمرية إلا أن هناك عدداً من العوامل التي ترفع من احتمال الإصابة به؛ من أهمها:
- التقدم في السن فوق (65) سنة.
- صغر السن دون (6) سنوات.
- العمل أو العيش في مراكز رعاية الأطفال ودور العناية بكبار السن.
- تناول الأسماك أو اللحوم النيئة.
- السفر إلى بلاد غير متطورة.
- الإصابة بأمراض مزمنة لأنها تضعف المناعة.
- التناول المفرط والمتكرر للكحول أو المخدرات.
- ضعف الجهاز المناعي.
التشخيص
يستند التشخيص إلى:
1- القصة المرضية المفصلة والفحص السريري الشامل.
2- فحص البراز:
- إجراء الاختبار السريع المخصص لاكتشاف فيروسات نوروفيروس وروتافيروس.
- إرسال عينة منه للمختبر للزرع وللكشف عن الخلايا الالتهابية والميكروبات.
3- فحص الدم:
- الكريات البيض والصيغة.
- مستويات الشوارد في الدم.
- فحص وظائف الكلى.
4- تنظير القسم السفلي من الجهاز الهضمي: للحالات المتقدمة.
المعالجة
أولاً: الراحة وتعويض السوائل:
قد تكون هي المعالجة الوحيدة التي يحتاجها المصابون.
- أخذ السوائل غير الملونة (Clear Fliuds): يفضل البدء بكميات صغيرة (رشفات) كل (5-10) دقائق، مع زيادة تلك الكمية تدريجياً حسب التحمل.
- استخدام محاليل التميه الفموية (Oral Rehydration Solutions) المتوافرة في الصيدليات لتعويض السوائل والشوارد المفقودة.
- تناول قطع من الثلج أو المصاصات المثلجة (Popsicles).
- إعطاء السوائل عن طريق الوريد في الحالات المتقدمة لتصحيح التجفاف واضطراب الشوارد.
ثانياً: الحمية الغذائية:
يفضل البدء بتناول كميات صغيرة من الأطعمة السهلة الهضم لأيام عديدة. من أهم الأطعمة والأشربة:
- الشوربات والمرق.
- الموز.
- الأرز أو البوريدج.
- الخبز المحمص.
- صلصة التفاح (Applesauce).
- الكراكرز المملحة.
- الدجاج.
ثالثاً: المعالجة الدوائية:
- مضادات القيء: مثل أوندانسيترون، بروكلوربيرازين، بروميثازين.
- مضادات الإسهال: مثل لوبيرامايد (إيموديوم) و دايفيناكسليت (لوموتيل).
- المضادات الحيوية: تعطى بإشراف الأطباء في بعض حالات التهاب المعدة والأمعاء الجرثومية.
- الأدوية المضادة للطفيليات: مثل ميترونيدازول ونايتازوكسانايد.
- مضادات الحرارة ومسكنات الألم: مثل باراسيتامول (أدول).
ملاحظة:
يُنصح بعدم إعطاء الأدوية المضادة للقيء للأطفال دون (5) سنوات، وبعدم إعطاء الأدوية المضادة للإسهال لمن هم دون (18) سنة، لذا يفضل الاستشارة الطبية قبل تناول أي منها.
رابعاً: تجنب الأطعمة والمشروبات خلال الهجمة الحادة مثل:
- المشروبات الرياضية و| أو الحاوية على الكافئين والسكر (الكاربوهايدريتس).
- المحليات الصناعية (Artificial Sweeteners).
- مشتقات الحليب.
- اللحمة الحمراء.
- الأطعمة الدسمة والحارة والحلويات.
- البذور والمكسرات (Seeds & Nuts).
- الكحول.
الوقاية
تشكل حجر الأساس في تخفيض معدلات الإصابة بالتهاب المعدة والأمعاء. من أهم الإرشادات:
- غسل اليدين بالماء والصابون على الأقل لمدة (20) ثانية: خاصة بعد الخروج من الحمام وعقب تغيير حفاض الأطفال وقبل تحضير الطعام وقبيل تناوله، مع التأكيد على منطقة ما تحت الأظافر. يمكن استخدام المراهم والمحارم المطهرة في حال عدم توافر الماء والصابون.
- غسل الخضار والفواكه وطهي الطعام جيداً وتنظيف سطوح تحضير الطعام.
- عدم مشاركة أدوات الطعام والشراب مع الآخرين.
- استخدام مناشف خاصة لكل فرد.
- عدم تناول السمك أو اللحم النيء أو المطهو بشكل غير جيد.
- البقاء في المنزل (48) ساعة بعد زوال الأعراض لتقليل احتمال انتشار العدوى.
- تناول الأدوية حسب إرشادات الطبيب.
مراجعة الطبيب
يجب مراجعة الطبيب في حال:
- استمرار القيء وعدم القدرة على إبقاء السوائل في المعدة.
- حدوث التجفاف.
- استمرار الأعراض أكثر من (5) أيام.
- استمرار الحرارة أكثر من (3) أيام أو ارتفاعها فوق (40) درجة.
- انتفاخ البطن أو قساوته أو اشتداد الألم فيه.
- اضطراب نظم القلب أو اضطراب التنفس.
- وجود دم في البراز.
- تشوش الحالة الذهنية.
التعليقات