التهاب الأنف التحسسي .. Allergic Rhinitis

التهاب الأنف التحسسي .. Allergic Rhinitis
التهاب الأنف التحسسي .. Allergic Rhinitis

على الرغم من أن التسمية بـ(التهاب الأنف التحسسي) قد توحي بأنه التهاب يصيب الأغشية المخاطية المبطنة للأنف فقط، إلا أنه في الحقيقة قد يصيب الأغشية المخاطية للعينين والأذن الوسطى والجيوب والبلعوم.

والتهاب الأنف التحسسي مرض ليس معدياً ولا خطيراً، مع ذلك فإنه قادر على أن يسبب خسارات كبيرة تقدر بمليارات الدولارات سنوياً في اقتصاديات الدول لما يسببه من تعطيل في حياة الناس وعرقلة نشاطاتهم اليومية ودفعهم للغياب عن العمل نتيجة ما يحدثه من تعب ووهن ونعاس؛ إما بسببه، وإما بسبب الأدوية المعالجة له. كما أنه يعد من الأسباب الشائعة لغياب الطلاب عن المدارس، وحتى عن نسبة من حوادث السيارات للأسباب نفسها السابقة.

تعريف

يحدث التهاب الأنف التحسسي نتيجة ردة فعل الجسم، لدى بعض الناس الذين لديهم استعداد وراثي، عقب استنشاقهم لأجسام دقيقة موجودة في الهواء، فيتحرر لديهم نتيجة لذلك مكون مناعي خاص هو (الغلوبولين المناعي إي Immunoglobulin E-) الذي يحرض على انطلاق سلسلة من المركبات الكيميائية، على رأسها الهيستامين، التي تحرض على زيادة نشاط الغدد المخاطية للأنف وتوسيع الأوعية الدموية وزيادة نفوذيتها، ورفع حساسية الأعصاب الحسية مسببة ظهور أعراض التهاب الأنف التحسسي المعروفة كالعطاس والسيلان والاحتقان والحكة وغيرها.

معلومات وإحصاءات عن التهاب الأنف التحسسي
  • يعد من بين أكثر أنواع التهابات الأنف مشاهدة.
  • عالمياً، يقدر معدل انتشاره لدى الكبار بين (10-30%) وقرابة (40%) لدى الصغار.
  • في أميركا، يقدر معدل انتشاره بين البالغين سنوياً بـ(7.5%) تقريباً، أي زهاء (20 مليون شخص)، و(7,2%) لدى الأطفال واليافعين تحت سن (18 سنة).
  • (20%) من المصابين به لديهم أعراض الإصابة بالربو.
  • هناك تسميات أخرى له منها: حمى القش (Hay Fever)، والتحسس الربيعي.
  • -تظهر (80%) من حالاته قبل سن العشرين.
  • يصيب الناس من الأجناس جميعها.
الأعراض والعلامات

أولاً: الأعراض

  • سيلان الأنف المائي.
  • الشعور بالاحتقان: نتيجة توسع الأوعية الدموية.
  • العطاس وحكة في الأنف: نتيجة زيادة تنبه الأعصاب الحسية.
  • ألم الأذنين والشعور بزيادة الضغط فيهما وفي الجيوب.
  • ألم الحلق والشعور بخرشه.
  • فقدان الشم.
  • الصداع.
  • تورم العينين واحمرارهما وزيادة إفراز الدمع.
  • التعب والوهن والضعف العام والشعور بالنعاس وصعوبة النوم.

ثانياً- العلامات

  • ظهور الدوائر السوداء التحسسية (Allergic Shiners) حول العينين: نتيجة التوسع الوعائي أو احتقان الأنف.
  • نشوء الطية الأنفية (Nasal Crease): حيث تظهر طية أفقية معترضة في النصف السفلي من جسر الأنف نتيجة تكرار حركة دفع ذروة الأنف براحة اليد نحو الأعلى تشبه القيام بالتحية لذلك تسمى بالتحية التحسسية (Allergic Salute).
الأسباب

من أهم المحرضات على التهاب الأنف التحسسي:

1. حبوب اللقاح أو ما يسمى بغبار الطلع (Pollens): المنطلقة من الأشجار والعشب الأخضر والحشائش:

  • الأشجار: ترتفع نسبة حبوب لقاح الأشجار في الهواء خلال فصل الربيع، وبعض أنواعها ينتشر في الخريف. من أهم أنواع الشجر: أشجار البلوط (Oak) والزيتون والقيقب (Maple) والأرز (Cedar).
  • العشب الأخضر (Grass Pollens): تنتشر حبوب لقاحها في نهاية الربيع وخلال الخريف. من أهمها: عشب كنتاكي بلو جراس، أورشارد، ريدتوب، فيرنال، برمودا.
  • الحشائش (Weeds Pollens): تنتشر حبوب لقاحها في نهاية الصيف وطوال الخريف. هناك أنواع أخرى منها تنتشر على مدار السنة. من أهم أنواع الحشائش: شورت راجويد، ويسترن راجويد، بلانتين. ويعد (Short Ragweed) مسؤولاً عن أكثر حالات التهاب الأنف التحسسي في أميركا.

2. العفن (Molds):

  • العفن نوع من الفطور ينتشر في كل مكان من العالم ويوجد منه آلاف الأنواع المختلفة.
  • ينمو في الأماكن الرطبة والمعتمة، وتختلف نسبة كثافته في الهواء باختلاف الفصل وحالة الطقس.
  • يحدث التحسس منه إما باستنشاقه، وإما بتناوله بالفم عبر بعض أنواع الجبن، والأطعمة المخمرة وبعض الخمور وبعض الأطعمة الحاوية على الخل.

3. عث الغبار في المنازل (House Dust Mites):

العث حشرات صغيرة لها ثمانية أرجل، يصعب رؤيتها بالعين المجردة.
تنمو في الأجواء الدافئة وفي الرطوبة العالية، وتندر في الأجواء الجافة.
تعيش في الوسائد والمراتب والبسط والسجاد والستائر والمفروشات القماشية وأغطية الأسرّة والدمى المحشوة.
تتغذى على المواد العضوية خاصة الخلايا الميتة الساقطة من جلد الإنسان ومن الحيوانات الأليفة.
ينجم التحسس نتيجة استنشاق البروتينات الآتية من أجسامها الميتة أو الموجودة في برازها.
في أميركا هناك نوعان مسؤولان عن التهاب الأنف التحسسي: درماتوفاجويدز فاريناي، ودرماتوفاجويدز تيرونيسانس.

4. الحيوانات:

  • ينجم التحسس بسبب ما تطرحه من: الوبر أو الشعر أو الفرو أو الجلد أو الريش أو البول أو اللعاب.
  • أشهر الحيوانات المسببة للتحسس: القطط والكلاب ثم الأرانب والطيور والأحصنة والحيوانات ذات الفرو.
  • القطط أكثر (الضعف تقريباً) تسبباً للتحسس من الكلاب.

5. الصراصير:

تسبب التحسس عن طريق برازها ولعابها. ومع أنها مسؤولة عن كثير من حالات الربو لكن يمكنها أن تسبب الإصابة بالتهاب الأنف التحسسي الدائم خاصة في البيوت المعشعشة بها.

6. القوارض:

كالفئران والجرذان والجرابيع والهامسترز والأرانب.

تصنيفات التهاب الأنف التحسسي

هناك تصنيفات مختلفة لالتهاب الأنف التحسسي:

حسب مسيرة أعراضه:

  • التهاب الأنف التحسسي الفصلي (Seasonal Allergic Rhinitis): تظهر الأعراض في فصول معينة من كل سنة.
  • التهاب الأنف التحسسي الدائم (Perennial Allergic Rhinitis): تدوم أعراض الالتهاب على مدار السنة.
  • التهاب الأنف التحسسي المشترك: يجمع بين النمطين السابقين.

حسب شدة الأعراض ومدتها:

  • التهاب الأنف التحسسي المتقطع (Intermittent): إذا استمرت الأعراض (4) أيام في الأسبوع أو (4) أسابيع في السنة.
  • التهاب الأنف التحسسي المستمر (Persistent): إذا دامت الأعراض أكثر من (4) أيام أسبوعيا وأكثر من (4) أسابيع سنوياً.

حسب تأثيره على المصابين:

  • التهاب الأنف التحسسي البسيط (Mild): إذا لم تؤثر أعراض المرض على ممارسة الحياة اليومية الاعتيادية.
  • التهاب الأنف التحسسي المتوسط أو الشديد (Moderate to Sever): إذا كان لدى المريض على الأقل واحد من الأعراض التالية: اضطراب النوم، صعوبة أداء النشاطات اليومية، الغياب عن الدراسة أو العمل.
أنواع أخرى:

- التهاب الأنف التحسسي المتقطع (Sporadic):

يتميز بهجمات قصيرة الأمد من التهاب الأنف نتيجة التعرض المتقطع لمحرضات تحسسية معينة.

- التهاب الأنف التحسسي المهني (Occupational):

سببه التعرض لمسببات تحسسية في أماكن العمل.

التهاب الأنف التحسسي .. Allergic Rhinitis
المعالجة

ترتكز المعالجة على ثلاث تداخلات علاجية: أ- التدابير البيئية. ب- المعالجة الدوائية. ج- المعالجة المناعية.

أ- التدابير البيئية:

أولاً: التدابير الخاصة بحبوب اللقاح والعفن:

يصعب عملياً تجنب التعرض لحبوب اللقاح والعفن نتيجة انتشارهما في الهواء. لذا يُنصَح بـ:

  • تقليل التعرض لحبوب اللقاح: للأشجار في الربيع، وللمروج الخضراء آخر الربيع وفي الصيف، وللحشائش آخر الصيف والخريف.
  • إغلاق النوافذ والأبواب خلال فترة انتشار حبوب اللقاح،
  • وضع المكيفات الهوائية على خيار إعادة التهوية (Recirculating).
  • الاستحمام بعد العودة من الخارج: للتخلص من حبوب اللقاح التي تتوضع عادة على الجلد والشعر.

ثانياً: التدابير الخاصة بعث الغبار:

  • يفضل تغطية المراتب والوسائد بأغطية غير مسامية.
  • غسل اللحف كل أسبوعين بالماء الساخن (130 درجة على الأقل).
  • تنظيف السجاد والبسط والأرضيات القماشية بالمكانس الكهربائية، والأفضل التخلص منها إن أمكن.
  • تخفيض نسبة الرطوبة تحت (50%) باستخدام التكييف أو ماصات الرطوبة أو كلاهما، لأن العث ينتشر فوق ذلك المعدل.

ثالثاً: التدابير الخاصة بالتحسس من الحيوانات:

  • تجنب الحيوانات إن أمكن.
  • وضع الحيوانات في غرف خالية من السجاد وإبعادها عن غرف النوم.
  • بالنسبة للقطط، يفضل استخدام مرشحات للهواء عالية الجودة مع غسل القطط أسبوعياً.

رابعاً: التدابير الخاصة بالتحسس من الصراصير:

التخلص منها هو الحل.

خامساً- التدابير الخاصة بالتحسس في أماكن العمل:

تجنب المحسسات ما أمكن أو لبس الكمامات في حال تعذر ذلك.

سادساً- تدابير أخرى:

تجنب التعرض إلى: الدخان والعطور والروائح القوية والأبخرة وتغيرات الحرارة والتلوث الخارجي.

ب: المعالجة الدوائية:

1. مضادات الهيستامين:

تخفف من الحكة وسيلان الأنف لكن تأثيرها قليل على الاحتقان. من أهمها:

  • لوراتادين (كلاريتن).
  • سيتيريزين (زيريتيك).
  • فيكسوفينادين (ألليجرا).
  • ليفاسيتيريزين (Xyzal).

2.مضادات الاحتقان:

تخفف من احتقان الأنف والجيوب. تعطى لمدة قصيرة (أقل من (4) أيام) لأنها قد تسيء للأعراض فوق تلك المدة. من أهمها:

  • أوكسي متازولين (أفرين): بخاخ أنفي.
  • فنل إفرين (نيو- سينيفرين): بخاخ أنفي.
  • سودو إفدرن (سودافد): عن طريق الفم.

3. بخاخات الأنف الحاوية على مشتقات الكورتيزون:

تخفف من شدة الالتهاب وحدة الأعراض. من أهمها:

- أنواع لا تحتاج إلى وصفة طبية:

  • فلو تيكزون (فلونيز أليرجي رليف).
  • بيو دسونايد (راينو كورت أليرجي).
  • ترايم سينولون (نيزو كورت 24 إتش آر أليرجي).
  • مو ميتازون (نيزونكس 24 إتش آر أليرجي).

- أنواع تحتاج لوصفة طبية:

تحوي مزيجا من مضادات الهيستامين ومشتقات الكورتيزون. تعد آمنة لذا يمكن استخدامها لفترات طويلة. من أهمها:

  • أزلاستين وفلوتكزون (Dymista).
  • مومتازون وأولوباتادين (Ryaltris).

4. مضادات لوكوتراينز:

لوكوتراينز مركبات كيميائية يطلقها الجهاز المناعي استجابة للتحسس. تُستخدَم هذه المضادات حينما يتعسر استخدام البخاخات الأنفية، أو عند ترافق الربو مع التهاب الأنف التحسسي. من أهمها:

  • مونتي لوكاست (سنجيولير).
  • زافير لوكاست (أكوليت).

5. قطرات العيون:

  • أولوباتادين (Pataday, Patanol).
  • كيتوتيفن (Alaway, Zaditor).

6. بخاخ كرومولين صوديوم الأنفي:

يخفف من الأعراض عبر إيقافه انطلاق الهيستامين.

7. بخاخ إبراتروبيوم الأنفي:

يستخدم للحالات الشديدة. يقلل من سيلان المخاط، لكنه غير مفيد للاحتقان والعطاس والحكة.

8. بخاخات الأنف الملحية (Saline Nasal Spray):

ترطب ممرات الأنف الجافة وترقق من ثخانة المخاط.

9. أدوية الكورتيزون عن طريق الفم:

مثل (بردنيزون) حيث يستخدم للحالات الشديدة ولعدة أيام فقط.

ثانيا: المعالجة المناعية (Immunotherapy):

  • تسمى أيضاً بالمعالجة النازعة للتحسس (Desensitization Therapy) لتغييرها كيفية الاستجابة المناعية تجاه المواد المحسسة.
  • تُستخدَم للحالات الشديدة أو عند فشل الخيارات الأخرى أو في حال وجود أمراض أخرى مرافقة أو حين حدوث مضاعفات.
  • تتطلب وقتاً طويلاً بين (3-5) سنوات ولا تظهر نتائجها قبل (6-12) شهراً ويجب أن تتم بأيد خبيرة.
  • قد تصل نسبة نجاحها (80-90%) للتحسس من القطط وحبوب اللقاح وغبار العث.

وتعطى بطريقتين:

  • المعالجة المناعية بالحقن التحسسية تحت الجلد.
  • المعالجة المناعية عن طريق القم:

بتناول حبة توضع تحت اللسان. متوافرة فقط في أوروبا وأميركا. تستخدم لمعالجة التحسس من الأشجار والمروج والعث.

ثالثاً: المعالجة الجراحية:

لمعالجة بعض مضاعفات التهاب الأنف التحسسي: كالتهاب الجيوب المزمنة، والكتل (بوليبات) الأنف، وبعض التشوهات التشريحية.

التعليقات

فيديو العدد