نشِّط أفران حرقك وحوِّل طعامك إلى طاقة

نشِّط أفران حرقك وحوِّل طعامك إلى طاقة
نشِّط أفران حرقك وحوِّل طعامك إلى طاقة

إن قدرتنا على حرق السعرات الحرارية تعتمد في المقام الأول على كفاءة بيوت الطاقة (الميتوكوندريا) لدينا من الناحية الكمية والنوعية عددها وكفاءتها، فالميتوكوندريا هي أفران الطاقة الدقيقة التي تنتج الطاقة داخل كل خلية، وهي تأخذ الطعام الذي نأكله وتخلطه بالأوكسجين ثم تحرقه، وهذه هي طريقة إنتاج الطاقة في الجسم.

ترتبط عدد السعرات الحرارية التي يمكنك حرقها بكل دقيقة ارتباطاً مباشراً بكمية الأوكسجين التي تستطيع تنفسها كل دقيقة، فعندما نتنفس مزيداً من الأوكسجين فإننا نحرق مزيداً من السعرات الحرارية، لذا نجد بأن هناك ارتباطاً قوياً بين الضغوط النفسية وزيادة الوزن.

كيف نزيد كفاءة أفران الحرق لدينا على حساب الدهون؟

تخيل معي أن درجة حرارة غرفتك باردة جداً حتماً وبكل بساطة ستقوم برفع درجة حرارة ترموستات المدفأة لرفع درجة حرارة الغرفة. حقاً سيكون هذا رائعاً إذا زاد وزنك بضعة كيلو غرامات فترفع ترموستات الأيض، فتتخلص من الكيلوغرامات الزائدة لديك أليس هذا حلاً مذهلاً (كنت أتمنى لو كان الأمر بهذه الطريقة وتلك البساطة) تظهر الأبحاث الحديثة معلومات مثيرة للاهتمام والدهشة عن كيفية حرقنا للسعرات الحرارية، ولماذا يخزن البعض الدهون أكثر مما يحرقه وهذه المعلومات الجديدة يمكن أن تساعدك على زيادة نشاطك الأيضي من خلال حرق المزيد من السعرات الحرارية، والمساهمة في إنقاص الوزن، إضافة إلى تأخير الشيخوخة والوقاية من أمراض العصر المزمنة وعلى رأسها السكري من النوع الثاني وتحسن من كفاءة جهازك المناعي.

كيف تسهم العضلات في رفع الأيض والوقاية من السمنة والشيخوخة؟

تكمن الإجابة في كلمة واحدة: الميتوكوندريا (أفران الحرق) بيوت الطاقة في خلايا الجسم. فكما هو معروف فإن التوتر التأكسدي هو أساساً ناتج ثانوي من حرق السعرات الحرارية والأكسجين داخل الميتوكوندريا لإنتاج الطاقة، وحوالي 5% من الأوكسجين الذي نستهلكه ينتج عنه إنتاج الشوارد الحرة، وهذه تدمر الميتوكوندريا مما يؤدي إلى تدهور إنتاج الطاقة، وبالتالي تؤدي إلى انخفاض النشاط الأيضي والقدرة على حرق السعرات الحرارية وتحويلها إلى طاقة، مما ينجم عنه ارتفاع نسبة الشحوم بالجسم ولاسيما في منطقة البطن (السمنة المركزية) وانخفاض الكتلة العضلية.

هل من الممكن أن نتخلص من الدمار الذي أصاب الميتوكوندريا

إن ما يبعث على الأمل والتفاؤل ويزيد من كفاءة الميتوكوندريا ويؤجج نارك الأيضية ويرفع من معدل حرق السعرات الحرارية بأن هناك شيئاً واحداً يقلل من التوتر التأكسدي المفروض على الميتوكوندريا، ويتيح لنا التمتع بالعمر الطويل وبصحة وعافية أكثر شباباً وحيوية ويساعدنا على خفض أوزاننا من خلال تقييد السعرات الحرارية (أي تقليل كمية السعرات الحرارية المتناولة يومياً).

في المقابل فإن هذا الطرح يبدو متناقضاً ومخالفاً مع نظرية متلازمة التجويع التي تنص على أن الحرمان والتجويع يؤدي إلى زيادة الوزن، إن المقصود هنا في عملية تقييد السعرات يعني أن تأخذ احتياجيك من السعرات الحرارية المناسبة لمعدل التمثيل الغذائي لديك يومياً، لا أكثر ولا أقل ولكن للأسف فإن معظم الأنظمة الغذائية المخصصة لإنقاص الوزن تخفض من معدل التمثيل الغذائي ( BMR ) نتيجة خفض كمية السعرات الحرارية المتناولة يومياً بدرجة كبيرة قد تصل إلى الحرمان والتجويع، مما ينجم عنها زيادة كفاءة الجسم على خزن الدهون وانخفاض كفاءة الميتوكوندريا على الحرق.

ولكي نفهم كيفية زيادة قواتك الأيضية وإشعال أفران الحرق لديك يجب أولاً أن تفهم كيفية عمل الميتوكوندريا وكيفية حرقها للسعرات، ثم يجب أن نعرف ما الذي يؤثر سلباً على الميتوكوندريا سيمكنك أن تعدلها وترفع من كفاءتها وزيادة معدل الحرق لديك وبعدها يمكنك أن تحرق السعرات بسهولة أكبر وكفاءة أعلى وتنقص وزنك بشكل أسرع وأفضل على حساب الدهون.

كيف تعمل الميتوكوندريا وكيف تحدد معدل أيضك؟

الميتوكوندريا (أفران الحرق) أجزاء من الخلايا تخلط السعرات التي تتناولها بالأوكسجين وتحول هذا الخليط إلى طاقة تستخدم في جميع العمليات الحيوية في الجسم وقد تحتوي الخلية الواحدة على 200 – 2000 أو أكثر من الميتوكوندريا، وتحتوي الخلايا النشطة مثل القلب أو الكبد أو العضلات على عدد أكبر منها، فنحن لا نستطيع أن نتنفس أو أن نقوم بأي نشاط أو حركة بسيطة لولا تلك المحطات الدقيقة المولدة للطاقة فهي بالفعل المسؤولة عن بقائك حياً وعن قيامك بوظائفك. يسمى معدل تحويل الطعام والأوكسجين عن طريق الميتوكوندريا إلى طاقة (معل الأيض BMR) ويتحدد بعاملين هما:

  • عدد بيوت الطاقة (الميتوكوندريا).
  • مدى كفاءتها في حرق السعرات بالأوكسجين.

فكلما زاد حجم الكتلة العضلية يزداد عدد الميتوكوندريا وزادت كفاءتها في استهلاك الأوكسجين، وارتفع معدل الأيض وأصبحت عملية حرق السعرات الحرارية أفضل، وخسارة الوزن أسهل وأسرع.

بشرى سارة

من حسن الحظ أن لدينا القدرة على التأثير بقدر كبير على هذان العاملين، ويكمن الحل بكلمة واحدة وذلك من خلال التمرينات المقاومة لتقوية العضلات.

تحرك واحرق الدهون

هل تعلم أن منظمة الصحة العالمية (WHO) صنفت الخمول البدني العامل الرابع للوفيات على مستوى العالم؟

لذا أصبحت الحركة وممارسة الأنشطة البدنية في هذا العصر أمراً هاماً جداً ومتطلباً رئيسياً من متطلبات الحياة لا مفر منه، ويعد النشاط البدني والحركي العامل الرئيسي الذي يرتبط في تعزيز الصحة والوقاية من أمراض العصر المزمنة ورفع الأيض وخسارة الوزن بشكل مستمر وعلى المدى البعيد وهذا يعود إلى أمر أساسي هو أن أفضل طريقة لزيادة عدد الميتوكوندريا (بيوت الطاقة) في جسمك وتحسين الأداء الوظيفي للميتوكوندريا عن طريق الحركة والنشاط البدني فحين نمارس التدريبات البدنية والأنشطة الحركية تزداد كتلك العضلية، ويزداد ما تأخذه من الأوكسجين وكلاهما عاملان مهماً جداً في التأثير بشكل إيجابي على الميتوكوندريا فعندما تزداد الكتلة العضلية يزيد عدد خلايا جسمك التي تحتوي على أعداد كبيرة من الميتوكوندريا.

تذكير

العضلات تحتوي على كميات أكبر من الميتوكوندريا في الجسم.

إذاً فمن خلال التدريب البدني وممارسة الأنشطة البدنية بانتظام تزيد من قوتك الأيضية وتخفض وزنك عن طريق حرق الشحوم وتقي نفسك من الأمراض لمزمنة.

لماذا يفشل متبعو الحميات الغذائية عن إنقاص أوزانهم وتتأرجح ما بين النزول والصعود؟

خسارة الكتلة العضلية الناجمة عن أنظمة الريجيم هي في الحقيقة أحد أهم الأسباب التي تجعل متبعي الحمية تتذبذب أوزانهم ما بين الزيادة والنقصان حتى يصلوا إلى مرحلة يكون معها نزول الوزن عملية صعبة جداً وهي ما يطلق عليها ظاهرة (اليويا).

إنهم ينقصون أوزانهم ثم يستردون ما فقدوه مجدداً أضعاف وأضعاف وهذا في حد ذاته أمر مزعج، ولكن المشكلة الكبرى تكمن في أنهم حينما ينقصون أوزانهم، فإن الخسارة تكون نصفها أو أكثر على حساب العضلات والنصف الآخر من الدهون (لأن الجسم يدافع عن نفسه بشكل تفضيلي كآلية طبيعية للبقاء) والكارثة حينما يستردون ما فقدوه من أوزانهم، فإنهم يستردونه في صورة دهون بالكامل، وذلك لأسباب مختلفة ولأن العضلات تعد أنشط من الناحية الأيضية وتحرق سعرات أكثر 70 مرة مما تحرقه الخلايا الدهنية فإن خسارة الكتلة العضلية يؤدي إلى إبطاء الأيض وانخفاض معدل التمثيل الغذائي مما يجعل عملية اكتساب الوزن على حساب الدهون أمراً في غاية السهولة ومن الصعوبة فقدانه.

ولسوء الحظ فإن عملية اكتساب الدهون وتخزينها عملية سهلة جداً وأسهل من اكتساب الكتلة العضلية والمحافظة عليها، بينما يحتاج إنقاص الدهون وخفض الوزن إلى جهد بينما خسارة الكتلة العضلية لا يحتاج لأي جهد، بمجرد الانقطاع عن التدريب وممارسة الأنشطة البدنية فإنك حتماً ستخسر كتلتك العضلية وتزداد نسبة الشحوم لديك.

وكما تشير الدراسات بأنه يحدث نقصان فسيولوجي طبيعي للكتلة العضلية بعد سن 30 عاماً تقريباً إذا لم تقوم بالتدريبات البدنية المناسبة لمنعه. (ومن الممكن أن يحدث هذا النقصان بدرجة أقل قبل هذا السن ولاسيما اذا كان الشخص خاملاً) وهذا النقصان في الكتلة العضلية مع الاستمرار على تناول نفس السعرات الحرارية سيكون له آثار سلبية كبيرة جداً على قدرتك على إنقاص الوزن ولهذا السبب يجد كبار السن صعوبة بالغة في إنقاص أوزانهم ولاسيما النساء، نتيجة فقدان الكتلة العضلية.

أنس الحميات الغذائية للأبد

الحميات هي في الأساس دورات تدريبية في كيفية زيادة الوزن والشعور كأنك فاشل

القاسم المشترك بين السمنة والشيخوخة خسارة الكتلة العضلية

نلاحظ في كثير من الأحيان وخصوصاً بين الرياضيين أنهم يكونون زائدي الوزن بشكل ملحوظ ونتوقع أن يكون لديهم نسبة عالية من الدهون، ولكن في الحقيقة أنهم يمتلكون كتلة عضلية كبيرةـ، وهناك أخرون ممن يطلق عليهم (النحفاء البدناء) لأنهم يبدون نحفاء ولكن لديهم نسبة منخفضة جداً من الكتلة العضلية مقارنة مع الدهون أن النسبة بين الدهون والعضلات "أي بين الشحم واللحم" هي التي لها الأثر الأكبر على الصحة وعلى التوازن الأيضي ويمكن أن يكون المظهر الخارجي خادعاً في هذا الصدد.

نجد مثلا أن البعض يدعي أن وزنهم من أيام الجامعة لم يتغير هو نفس الوزن، لنفترض أنك تفقد واحد كيلوغرام من كتلتك العضلية كل عام وتكتسب في المقابل واحد كيلوغرام من الدهون كل عام خلال نفس الفترة فإن محصلة الوزن على الميزان لن تتغير، وبالتالي فإن ملابسك قد تبقى مناسبة لجسمك، دون تغيير، إذاً نستطيع القول بأن وزنك في سن 60 قد يكون نفس وزنك عندما كنت في العشرين من عمرك ولكن نسبة الدهون لديك قد تكون ضعف ما كانت سابقاً لأن نسجيك العضلي انخفض وزاد حجم خلاياك الدهنية – لقد ضعفت عضلاتك وضمرت وازدادت دهونك - وهذا ما يطلق عليه ( البدانة الأيضية) أو متلازمة النحافة الدهنية، وهي لها تأثير سلبي على صحتك قد تفوق تأثير السمنة لأنك حين تخسر عضلاتك تفقد الكثير من الميتوكوندريا فينخفض أيضك فتصبح أكثر عرضة للإصابة بأمراض العصر المزمنة.

تذكير

إن الوزن على الميزان غير صادق لأنه لا يعطينا تفصيل مكونات الجسم ولا يفرق بين الدهون والعضلات والعظام والماء.

سنتابع في العدد القادم المزيد من التفاصيل حول "أفران حرق الدهون"...

التعليقات

فيديو العدد