ريم بن كرم: علمتني أمي أن لاوجود لكلمة "مستحيل"!

ريم بن كرم: علمتني أمي أن لاوجود لكلمة "مستحيل"!
ريم بن كرم: علمتني أمي أن لاوجود لكلمة "مستحيل"!

شابة قيادية إماراتية على درجة عالية من الثقة بالنفس وبقدراتها التي لم تترك أي جهد إلا وبذلته لتنميتها، بدءاً بدراستها الجامعية بالجامعة الأمريكية ومبادراتها التطوعية ومساندتها لأي خطوة تهدف لرفد مسيرة المجتمع الإماراتي، عملت أولاً مع الطفل مديرة وعضو مجلس إدارة مراكز الأطفال بالشارقة، واليوم مع المرأة مديرةً لمؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة. ترنو عيون ضيفة مرامي سعادة ريم بن كرم للارتقاء بالمرأة بشتى النواحي، وتترجم اهتمامها هذا حرصاً وغيرة على تفاصيل عملها، وبذل كل جهد لتحقق الأفضل والأسمى للمرأة وبالتالي للمجتمع، تحدثت لعائلة مرامي عن شغفها هذا عبر الحوار التالي.

ما هي المحاور الأساسية للارتقاء الحقيقي بالمرأة؟

ينبغي أن يركز "الارتقاء بالمرأة" أولاً على الارتقاء الفكري قبل أي جانب آخر بحياتها، ثم تحديد كيفية تحقيق الارتقاء بهذا الجانب وما هي المعارف والعلوم والمهارات والخبرات المطلوبة لتحقيقه. وفي مؤسسة نماء لدينا تصور واضح بذلك لدعم المرأة وتمكينها اقتصادياً. جاءت هذه الرؤية بدراسة وتحليل الواقع وتشخيص وجود ثغرة كبيرة بين استحقاقها وبين ما تتمتع به المرأة من دعم وتمكين تحديداً بعد دخولها أغلب مجالات العمل، وعليه فكافة نشاطات أجندة مؤسسة نماء بالمدى القريب أو البعيد هي مبنية على تصورنا، والذي نهدف من ورائه لتهيئة عالم منصف للمرأة وشامل لكافة الجوانب التي تحتاج أو تمس المرأة واحتياجاتها؛ لأن مؤسسة نماء لا تركز على الجانب المادي فقط، بل إن هدفنا الأساسي هو ليس لدعمها مادياً، لكننا نرنو من وراء خدماتنا لها أن ننجح بتسليحها بالأدوات التي ستحتاجها للاعتماد على نفسها من أجل المضي بحياتها دون أن تقع بمواقف محزنة أو مؤلمة أو حتى خطرة، نحمد الله ونحن بدولتنا ننعم بفكر قادتنا الرشيد الكفيل بتجنيب المرأة كل هذا المواقف.

ريم بن كرم: علمتني أمي أن لاوجود لكلمة "مستحيل"!
من أين تستمدون الدعم الأكبر لتحقيق هذه الرؤية والأهداف؟

بالحقيقة فإن الدعم الأكبر هو من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، فقد تعهد بمساندته لتنفيذ مبادراتنا للارتقاء بالمرأة، فبعد انعقاد القمة العالمية لتمكين المرأة اقتصادياً عام 2017 وتلمس النتائج الإيجابية من التزام المؤسسات المحلية بتنفيذ "التعهد" الذي خرجت بها القمة، والتي بادرت أكثر من مؤسسة محلية بإمارة الشارقة بتنفيذ بنود هذا التعهد، بعدها قمنا بدراسة وقياس نتائج التنفيذ على مدى سنتين، ثم عرضت تلك النتائج على صاحب السمو حاكم الشارقة بالقمة العالمية لتمكين المرأة اقتصادياً 2019، كصورة كاملة عن ما قدمته المؤسسات المحلية فيما يخص التعهد ومجمل إسهامات كل مؤسسة بها، ومستوى تأثير هذه المساهمات بالمجتمع، ومدى تأثيرها في كل من الجوانب المختلفة؛ ومنها الجانب الاقتصادي، وقد أعجب سمو الحاكم بهذه النتائج والمخرجات ومدى الالتزام بالتنفيذ، فأوعز بضرورة التوجه لرعاية المرأة في إفريقيا، آسيا وأمريكا الجنوبية، وقد جاءت نتائج تنفيذ التعهد بهذا المستوى من التميّز لأن المشاريع المنفذة كانت وليدة قياسات وتحليل دقيق لجميع الأفكار والاحتياجات المشخصة بالواقع.

كيف كان العمل لتنفيذ توجه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي بهذا الخصوص؟

أقرت لتحقيق توجيهات سموه مبادرة بمؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة، وقد أعلنت عنها سمو الشيخة جواهر القاسمي بمطلع هذا العام، وهي مبادرة "منصة ارتقاء"، وهي منصة عالمية تهدف لدعم المرأة اجتماعياً واقتصادياً محلياً وإقليمياً وعالمياً بما في ذلك المنطقة العربية، والعمل جارٍ لتنفيذها على قدم وساق لنحظى بأكثر عدد من الشراكات ما بين الدول والمؤسسات المعنية، وكذلك الأفراد ممن لهم تأثير وبمختلف القطاعات، أي القطاع الحكومي والخاص والنفع العام، وسنعمل من خلال المنصة المزمع إطلاقها لإيجاد آلية تفاعل بين كافة الجهات المعنية لخدمة المرأة، وهو الهدف الأساسي من المنصة، ونحن نجتهد بكل إمكاناتنا ونأمل كل الخير من هذا العمل.

ريم بن كرم: علمتني أمي أن لاوجود لكلمة "مستحيل"!
ما هو دور المؤسسات المحلية ومدى الرضا عن قيامهم برعاية المرأة في الإمارات كل حسب تخصصه؟

هذا الدور لا يقتصر على مؤسستنا فحسب، بل نحن نعمل بالتعاون والتكامل مع كافة المؤسسات المحلية التي يهمها الارتقاء بالمرأة في المجتمع، وبظل الدعم اللامحدود من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي وقرينته سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي.
جاء إطلاق مؤسسة "نماء للارتقاء بالمرأة" نتيجة تشخيص لوجود ثغرة بما تحتاجه المرأة من سبل الدعم والعون، ومؤسسة نماء تعمل بتكاتف الجهود للتشكيلات الإدارية الثلاثة التي تعمل تحت مظلتها، والتي هي "مجلس سيدات أعمال الشارقة"، مجلس "إرثي للحرف المعاصرة" الذي يهدف لتمكين المرأة على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، وأكاديمية "بادري"، وهي أكاديمية للمعرفة وبناء القدرات، وقد كانت قد أطلقت لتوفير فرصة التعليم المستمر للمرأة، وهي تهدف لتعزيز ودعم مفهوم ريادة الأعمال لدى المرأة، من خلال تطوير مهاراتها النظرية والمهنية عن طريق منصة تعليم إلكترونية خصصت لذلك، إضافة إلى ورش العمل والبرامج التدريبية.

وجدير بالذكر أن هذه المؤسسات متكاملة، وتقوم مؤسسة نماء بدور رئيسي لإبراز دور كافة هذه المؤسسات في المنصات العالمية، فمثلاً مجلس إرث للحرف المعاصرة انطلق كبرنامج مبادرة ثم تحول إلى مجلس، فالأفكار تتبلور وفقاً لأهميتها لتصبح كياناً خدمياً داعماً للمرأة؛ فالكل يعمل كمنظومة متكاملة لإمارة الشارقة من خلال مؤسسة نماء لدعم المرأة اقتصادياً بالتعاون مع شراكات أخرى محلية لا تبخل بأي فرصة للتعاون معنا، كمؤسسات سمو الشيخة جواهر القاسمي مثلاً كمؤسسة القلب الكبير، فنحن نتكاتف معاً بتقديم برنامج خدمي معين كالذهاب إلى مخيم الزعتري في الأردن لللاجئين السوريين، كنا معهم لتنفيذ برامج تخدم المرأة وضمن إطار أهداف حملة القلب الكبير، وسنطلق قريباً كمؤسسة نماء مبادرة بحلة جديدة وبسنتها الثالثة والتي نفذت بالعام الماضي بإدخال ستمائة فتاة من لاجئي الروهينجا ببرنامج تدريبي باسم "سفيرات السلام" واشتمل البرنامج على دورات تدريبية لمهارات بسيطة كمساعدتهن للتعامل مع الأزمات والكوارث، وإكسابهن مهارات قيادية، ومهارات الكومبيوتر، وقد كانت النتائج طيبة وسريعة للبرنامج المنفذ بإندونيسيا وبنغلادش، وذلك في المنطقة التي يتم التدريب فيها لتسونامي. وجاء هذا مترجماً لتوجيهات سمو الشيخة جواهر القاسمي بالتفكير الدقيق بكيفية مساعدة الآخرين على أن يكون ذلك بالتكاتف مع بعضنا دون العمل بشكل مفرد.

ريم بن كرم: علمتني أمي أن لاوجود لكلمة "مستحيل"!
كيف يكون يومك بعيداً عن مكتب العمل والحياة المهنية؟

ما أنا واثقة منه وما يهمني هو "تنمية الذات"، لكني ومنذ ثلاث سنوات وأنا أحاول إعادة الاستقرار لحياتي بعد الظرف المؤلم الذي مررت به، وبالتأكيد كان قاسياً عليّ ولا أحد يتوقع أن أكون قادرة أنا أحيا حياة طبيعية كممارسة الهوايات بوقت الفراغ لكني كنت أجتهد لألملم أفكاري وكيف يمكنني العودة من جديد لأكمل مشواري بالحياة، ولكن زخم متطلبات عملي كانت بمثابة المنقذ ورحمة من الله للتخفيف عني، سواء بمؤسسة نماء أم المسؤوليات الأخرى كمسيرة القافلة الوردية، فكانت هذه السنوات الثلاث ذات وقع ثقيل ركنت فيها لجنب كل اهتماماتي وهواياتي، ولكني أخيراً تمكنت من اتخاذ قراري وبشهر ديسمبر 2019 بأن يكون عام 2020 هو عام التغيير تبدأ فيها "ريم" التركيز نوعاً ما على نفسها، وقد تكون هذه البداية بالخروج عن الوتيرة المعتادة بحياتي، وكان أولها الالتحاق مع مجموعة من السيدات لكل منهن تحدٍّ خاص بها، وبالنسبة لي كنت أود التأكد من تغير شخصيتي عما كنت عليه قبل الحادث أو أني أود التعرف على نفسي من جديد، والرحلة بدأت في 24 يناير وكانت عبارة عن مغامرة تسلق جبلية بعُمان التي طالما تساءلت عن سبب عدم قيامي بها مسبقاً.

ذكرت بجوابك السابق مفهوم "تنمية الذات" كيف سعيت لتحقيقه؟

هذا المفهوم مرتبط بنشأتي الأسرية التي لم تعترف يوماً بكلمة "لا" ولا "المستحيل" كلتاهما لم تكن موجودتين في قاموس أسرتنا، وهذا ما عودتنا عليه الوالدة، رحمها الله، حتى وإن واجهتنا مشكلة ما فكانت تحثنا على التفكير بكيفية الخروج بحلول لها وتجاوزها، ومنها تعلمنا أن لكل عقدة حلاً ولكن حسب نظرتنا لها، وكل دروس الحياة التي تعلمتها من الوالدة كانت قد أسهمت بتكوين شخصيتي، لكن بعد أن وجدت نفسي مضطرة لمواجهة حادث أليم لأسرتي ظهرت بعده ملامح شخصيتي، ولست أنا فقط بل كانت والدتي هي المنارة والقدوة لنا جميعاً، وبالرغم من دور الوالد المهم في الأسرة لكن كوننا نشأنا مع الوالدة متقاربين معها جداً لأنها ارتبطت بوالدي بسن مبكر، فتقاربها مع أعمار أبنائها جعلها الأم والأخت لنا جميعاً، كانت شديدة بتربيتها من حبها وخوفها الشديد علينا وكانت حريصة على عدم خروجنا عن عادات وتقاليد مجتمعنا.

واليوم بعد أن كنت أصغر البنات بأسرتي التي لم تكن اعتادت على تحمل أعباء المسؤوليات الضخمة، أصبحت من يجب أن تتحمل وتقوم بكل شيء، فالحقيقة صعبة جداً والله المعين.

التعليقات

فيديو العدد